مقالات فى فنون إدارة الحياةمقالات الوعى › الناجونَ . ماذا فعلوا ؟! الجزء الثاني

الناجونَ . ماذا فعلوا ؟! الجزء الثاني

الناجونَ .. ماذا فعلوا ؟! الجزء الثاني بقلم: أماني سعد

ذكرنا فى الجزء الأول من قصة الناجين عن كيفية نجاتهم من الغرق، وقلنا أنهم وبالرغم من فشلهم المتكرر للوصول لأهدافهم إلا أنهم لم يستسلموا وعاودوا المحاولة مرارًا وتكررًا .. حتى استطعوا استعادة الإمساك بدفة حياتهم والقيام من جديد وتوجيه رحلتهم نحو بر الأمان. فماذا فعلوا أيضًا! .. استمِر معنا في القراءة وستعرف بقية القصة.


 الناجون .. ماذا فعلوا ؟!

حاصرتهم الظروف الصعبة فهزموها .. بحسن الظن بالله

تعالوا نُزيل الغموض عما فعل الناجون حين حاصرتهم أصعب الظروف .. لقد قاوموها بقوةٍ وثبات وهزموها بإحسان الظن بخالقهم العظيم ... عملوا وتوكلوا عليه سبحانه؛ وظنوا خيرًا في كل ما أعطاهم وكل ما منعهم؛ ذلك أنهم يدركون أن كل فعله جل وعلا يدور فى دائرة الخيرية المطلقة لرحمة عباده.

 

يقول تعالى في سورة النساء:

(مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)


     ولأنهم يتمتعون بإيمانٍ عميق بأن عبادة حسن الظن بالله لا تكون بالكلام فقط، لذلك فهم لم يركنوا للأماني والتواكل على رحمة الله، بل ترافق حُسن ظنهم بطاعته تعالى وحُسن العمل وأداء الواجبات التي عليهم.

عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إِن الله جل وعلا يقول :أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ".

فالمحسنون الظن بالله تعالى عندما يسألونه ويدعونه .. فإنهم يظنون أنه سبحانه سيعطيهم مسألتهم ويجيب دعاءهم. وعندما يستغفرونه جلَّ شأنه .. يظنون أنه سيغفر لهم. وعندما يعبدونه تعالى باتباع شريعته الصحيحة ... يظنون أنهم مأجورن على عبادتهم. كما أنهم عند العمل الصالح .. يظنون أن الله سيجازيهم خيرًا، وعندما يطلبون رزقه بالحلال .. يظنون أنه جلَّ وعلا سيُعطيهم من فضله وسيرضيهم بما أعطاهم. وذلك يقينًا بصادق وعده "إن ظن خيرًا فله".

فما ظنك بربك الكريم؟!


    قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخَّر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة ) صحيح مسلم/ 6908 .

ولنا في رسول الله أسوةٌ حسنة في حسن الظن بالله تعالى والثقة به تعالى، ففي صلح الحديبية وافق الرسول صلى الله عليه وسلم على شروط المعاهدة، والتي بدا للبعض أن فيها إجحافًا وذلاً للمسلمين، ومنهم عمر الذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم "علام نُعطي الدنيةَ في ديننا؟ فرد عليه رسول الله بقوله: "يا ابنَ الخطاب، إني رسولُ الله، ولن يضيعني الله أبدًا". وبالمثل نحن المسلمين والمؤمنين الموحدين بالله؛ لن يضيعنا الله أبدًا. كما لابد - إن كنا مؤمنين حقًا- أن نثق بربنا العلي العظيم أسوة بسيد الخلق. فما بالك وقد وعدك الله تعالى بنصرك أيضًا فقال في سورة الروم:(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).صدق الله العظيم.


فإذا حاصرت الظروف الصعبة الناجين ... فإنهم يهزمونها وينتصرون عليها بإحسان الظن بالله تعالى، ويفعلون الآتي:

- تراهم مجتهدون يأخذون بكل ما يقدرون عليه من الأسباب؛ فيعملون بجهدٍ أكبر مع حسن التوكل على الله؛ للخروج من أزماتهم بسرعة وسلام.

- وكلما عصفت بهم الظروف الصعبة والابتلاءات تذكّروا الأجر والثواب؛ فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يودُّ أهل العافية يوم القيامة، حين يُعْطَى أهلُ البلاء الثواب، لو أن جلودَهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارِيضِ".

- ودومًا يلجأ الناجون لكهف الدعاء فيفرون إلى الله مستعينين به متعلقين برحمته، إذ يُلحّون كلَّ يومٍ في الدعاء .. وهم موقنون بالإجابة؛ متفائلون بقدوم فرج الله.

- كما أنهم يصبرون دون شكوى أو تذمر، قلوبهم يملؤها الهدوء والسكينة، وصدورهم منشرحة، محتسبين الأجر والثواب عند الله.

- لا يشكون الله لمخلوق، بل يشكون إلى الله حالهم وضعفهم، وكلما سُئلوا عن حالهم حمدوا الله تعالى على كثير نعمه وفضله.

- وهم ينظرون لمن أسفلهم وأدنى منهم فلا يحتقرون نعم الله عليهم، بل يقنعون بالقليل منها .. راضين بعطاء الله، شاكرين له، سائلين إياه زيادةَ البركة.

- وهم ما بين ثلاثٍ: "حب لله" يخلصون في حبه ويستميتون فى إرضائه، و"خوف من الله" ملتزمون بأوامره ونواهيه والعمل الصالح، "ورجاء فيه سبحانه" يرجون عفوه ورحمته وتفريج كُرُباتهم.

- وهم تائبون مستغفرون على ذنوبهم .. لعلمهم "أن الرجل ليُحرَم الرزق بالذنب يصيبه" مصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا حُلت مشاكلهم وأصابهم فضلُ الله؛ فإنهم لا ينسبون الفضل لأنفسهم بل ينسبونه لله؛ ويشكرونه على ما آتاهم من نعمٍ كثيرة وفضائل. وبذلك ينالون خيرَ الدارين .. من حياةٍ طيبةٍ في الدنيا، ونجاةٍ في الآخرة .

 فهل أنت من هؤلاء الناجين؟!

قال الله تعالى فى سورة الأحزاب

"وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا"

صدق الله العظيم


أماني سعد - كاتبة فى فنون إدارة الحياة

AmanySaad.com

جميع الحقوق محفوظة للكاتبة أمانى سعد، لا يمكن نسخ أو نشر هذا المقال فى مواقع أخرى إلا بإذن كتابي من الكاتبة، وغير ذلك يعرض صاحبه للمسائلة القانونية، والتعويض عن الأضرار.

مراجعة لغوية أستاذ: محمد السخاوي

الكاتب: أماني سعد AmanySaad.com

د. أماني سعد كاتبة ومؤلفة مصرية، من أوائل الكتاب فى مجال التنمية الذاتية وفن إدرة الحياة، ولها بصمات مميزة من المقالات القيمة والتى نشرت فى العديد من الصحف والمجلات العريقة فى مصر؛ وعلى الشبكات الإخبارية على الإنترنت . لما يزيد عن خمسة عشر عاماً. وكانت أول من قدمت خدماتها الإستشارية للمئات من المهتمين بالتنمية الشخصية. ومنذ عام 2005 وهي تقدم مجهودات كبيرة من خلال الإطلاع والبحث فى مجال التنمية الذاتية وفن إدارة الحياة وقوة العقل الباطن لنشر مقالات وكتب ذات تأثير كبير؛ بهدف حث الأشخاص على تحقيق النجاحات فى كافة مناحي الحياة؛ دون الإخلال بمبادئهم فى الحياة. وهي صاحبة مبادرة العيش بالوعي والأمل.
التعليقات على الناجونَ . ماذا فعلوا ؟! الجزء الثاني

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
13557

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري