دروسٌ مِن الحياةِ
هي دروسٌ مختصرةٌ من الحياة، تعلمتها في سنينَ مضتْ، وهي كنزي الصغير والثمين، ولأني لا أريد أن أهدر هذا الكنز .. فإني أذكيه بنقله لكم في بضع فقراتٍ مختصرة، أرجو أن يستفيد منها القراء ولو بحصةٍ صغيرةٍ من هذا الفكر، فأنا أعتقد أن حتى أدنى الفائدة قد تكفي للتأثير في حياة الآخرين بشكلٍ إيجابيّ وبناء.
الدرس الأول: علمتنى الحياةُ عند الأزمات .. أن أصبر وأتقي الله ما استطعتٍ، ولا أخاف من معارضة المعارضين أو لوم اللائمين أو كيد الكائدين، فما دمتُ ملتزمةً بالصبر وتقوى الله .. فالله معي، وإذا كان الله معي .. فمن عليَّ؟! وإذا كان عليَّ .. فمن معي؟! ، فلا أخاف إلا الله تعالى.
الدرسُ الثاني: علمتني الحياة أن التسامح من شيم الكرام، وأن القوة في التسامح. فإذا أردتَ أن تكون قويًّا فتسامح مع مَن ظلمك، وأحسِن لمن أساءَ إليك، فوالله ما شعرتُ بقوةٍ أكثر مما شعرتُ وأنا أتسامح مع من ظلمَنى وأُعطي من حرمني، فهنالِك تكمُن قوةُ الإنسان. ولولا تسامُح الله جل جلاله معنا ما أبقى على الأرض مِن دابةٍ .. وهو القويّ ونحن الضعفاء إليه، فمالنا لا نتسامح ؟! اصفحوا واغفروا لإخوانكم لعل اللهَ يصفحُ عنكم ويغفر لكم.
الدرس الثالث: علمتنى الحياة أن لا أتظاهر بما ليس فيَّ، وأن أكون أنا نفسي، مهما كانت الظروف ومهما اختلفتْ المواقف والأحداث، فإذا كنت نفسي فماذا سأخسر؟! ، أما إذا كنت أخرى فمهما كسبتُ فسأخسر الكثير .. سأخسر نفسي، وهى كل ما أملك لأكون أنا .. أنا. فكُنْ نفسَك وأعتز بما أنت عليه في كل الأحوال.
الدرسُ الرابع: علمتنى الحياة أن أثق في الله تعالى، فأكون ثابتةً وقوية عند الإمتحانات والبلاءات حتى لو كنتُ أنتحبُ من الداخل. فثقتى بالله تعالى يجبُ أن لا تتزعزع أبدًا، ثقتي في أن كل تصرفات الله تدور في دائرةِ العدل والفضل والحكمة والمصلحة والخيرية المطلقة لصالح عباده، وأن أكون على يقين أنه مهما حدث لي سواءٌ طيبٌ أو سيّئ من وجهة نظري فهو لخيري ومنحة من الله تعالى، حتى ولو كنتُ لا أعي الحكمة من الأمر في هذا الوقت، أو حتى وإن لم أعِ الحكمة هذه طوال حياتي. وأنه مهما اشتدت علىَّ أزماتُ الحياة فإن الله تعالى سيرشدُنى للمَخرَج وسيكون رؤوفًا بي، نعم سيكون رؤوفًا بي – فقط - إذا صبرتُ وأحتسبتُ ووثقتُ في فرج الله وثبتُّ عند الشدة.
الدرس الخامس: علمتنى الحياةُ أن المعرفة قوةٌ؛ فهى التي تصنعالوعي، وأن الوعي قوةٌ؛ فهو ما يزيد الإدراك والتفهم لكل ما حولنا، فإذا أردتَ أن تكون قويًّا .. فكُن واعيًا لما يحدث حولك من تطورات في شتّى المجالات، ولا تكن أبدًا في الصفوف الخلفية تخبّئ نفسك، فأنت مع المعرفة والوعى بأمانٍ تام.
الدرس السادس: الأمانة مع النفس .. فكن أمينًا مع نفسك أولاً ثم مع من حولك، تعرّف على قدراتك وإمكانياتك ومهاراتك ولا تعطِ نفسك حجمًا أكبر من اللازم ومبالغ فيه، كذلك لا تعطِ نفسك حجمًا أقل من اللازم وتقلل من شأنك، كن أمينًا مع نفسك .. قدّر ذاتَك تقديرًا صحيحًا؛ لتوجه نفسك التوجيه الصحيح في الحياة. وأطلب المعالى من الأمور، فإذا كنت ترى أن توقعاتك من نفسك تفوق إمكانياتك وقدراتك الحالية، فطوّر ذاتك ونمِّها، وزد من قدراتك واستعن بالله ولا تعجز .. فاللهُ تعالَى يحب من يطلب المعالي من الأمور، وهو سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
الدرس السابع: أن جِلسةً في خلوة مع الله تعالى بالدنيا وما فيها، وتطلب حبيباً وتبحث في كل مكان عنه فقد تجده وقد لا تجده .. ومعك الحبيب ومعك الودود الذى تلاقيه بمعاصيك فيتودد إليك بالمغفرة والعفو، ومعك الجبار الذى يجبر خاطرك إن تخلى عنك القريب والبعيد، ومعك الكريم الذى يعطيك إذا غُلّقتْ كل الأبواب في وجهك، ومعك السميع الذى يسمعك إذا ناديته فيقول لك لبيك عبدى .. لبيك عبدى .. لبيك عبدى ؛ ولك ما سألتَ.
فأجلس أخي وأجلسي يا أختي في قرب الله. فوالله لا حبيب سواه، ولا مستحق للحب سواه، يملأ حبه قلبك فلا يملؤه فقط بل ويُشعرك بالإشباع النفسى والروحي .. وتستطيع بالزخم النوراني هذا في قلبك أن تمنح الحب لكل الناس، وما ينتهى الدفءُ في قلبك؛ وما ينتهى الشجنُ من قربه، فاشعر بخلوة مع الله؛ و كن من زمرة من يحبهم الله ويحبون الله جلَّ وعلا.
وللحديث بقية ...
جميع الحقوق محفوظة لموقع د. أماني سعد - amanysaad.com 2008-2021 ©
جزاكك الله خيرا من أروع وأجمل ماقرأت.
موضوع مفيد و مثير للاهتمام.