مقالات فى فنون إدارة الحياةمقالات الوعى › فن حكم البلاد والعباد "1"

فن حكم البلاد والعباد
سلسلة " فن الحكم " فن حكم البلاد والعباد "1" (رؤية مقترحة) من منظور مختلف حلقة: فن إدارة الحشود 

لكل شئٍ أساسياتٌ ثابتةٌ وفنون؛ والفن هو تصميم شئٍ جديد ومبدع ويكون مختلفًا فى خصائصه عن الكثيرين من نفس نوعه؛ بحيث يلفتك بإعجاب لما فيه من زيادة حسن و إتقان، وكثير نفعه؛ فالأساس أن تتم إدارة وتطوير البلاد والعباد عبر عملية مقصودة تستخدم موارد البلد البشرية والطبيعية لتحقيق أهداف الدولة والشعب على نحوٍ كفء وفعال. إنما الفن يُعظّم مخرجات هذه العملية، فلا تقتصر على تحقيق الأهداف فحسب؛ بل تتوسع لزيادة البلاد قوةً وتأثيرًا ونموًا سريعًا ورفاهية؛ وزيادة الشعب حضارةً ورضىً وسرورًا وبهجة. فيرتفع تبعًا لذلك مؤشر جودة الحياة للمواطنين بلا توقف؛ ويزيد ثِقَل الدولة وقوتها الفاعلة محليًّا وعالميًّا بإطرادٍ وثبات. وهذا ما نسعى لتقديمه من خلال هذا المقال؛ والذي يقدم رؤية مقترحة لممارسة الحكم بفن وذكاء لم تسبقنا إليه معظم دول العالم.

ولماذا يجب علينا إدارة بلادنا بفن وذكاء؟ ذلك أننا نواجه اليوم تحدياتٍ ضخمة وفريدة لم يكن لها شبيه فى كل العصور السابقة، والدول الراشدة تعلم جيدًا أنه من غير الحكيم أو المنطقي مواجهة ما هو خطير وفريد بما هو عادى وتقليدى؛ فلا نترك شعوبنا فرائس بلا حماية حقيقية ... كالضحية المُعَدّة للأكل.

فبالإضافة للأعداء الذين يترصدون بلادنا خارجيًّا يكيد لنا اليوم اعدائنا عبر حربٍ خفية تحت غطاء التكنولوجيا والتقنيات الجهنمية؛ لذا فمن واجب الحكام الانتباه لهذه الأوضاع الخطرة وتأمين البلاد داخليا؛ً ليس فقط عبر نظام أمنى وشرطي متين وفعال - فهذا غير كافي لإنقاذنا - بل لابد من تأسيس نظام أمنى يواكب دهاء أعدائنا وقوتهم الماكرة والاستثنائية. فبينما يتخذ اعداؤنا مواقعهم استعداداً للهجوم والانقضاض علينا فى اللحظة المناسبة نتوهم نحن أن تقدمنا القائم على ما يمنحوننا من علوم وأدوات كلها بأيديهم سيحمينا؛ وأننا بطريقة ما قد ننجو من غدرهم دون آلة حرب وعتاد يستطيع مواجهة آلاتاهم الجهنمية ومكرهم الشديد. وعلى الرغم من ضعفنا فنحن نعترف أننا ما عدنا فى عصر مجد حضارتنا العربية والإسلامية، ولا لأقرب من هذا العصر؛ إلا أنه عندما يتعلق الأمر ببقائنا ووجودنا فليس فى ايدينا حيلة إلا أن نُهيّئ أنفسنا للقتال، ونوقظ كافة قوانا ونقوم بجميع التدابير اللازمة ونفاجئ اعداءنا.


فما هى التحديات الجديدة التى نواجهها؟

لا يَخفى على أحد أن شعوبنا اليوم تعاني الكثير من الجهل والأمية وأمية المتعلمين؛ بالإضافة لإرتفاع صوت أصحاب الفكر القاصر؛ ونقص المعارف والعلوم؛ والمبالغة في التركيز على الذات أو "الذاتية المفرطة".

فكيف نتوقع أن ننجو مع كل ذلك بسبب أننا ? فقط ? زدنا تمدُّن ورفاهية الشعب؟! نتوقع النمو والتطور المستمر متوهمين غفلة اعدائنا عن التخطيط لعرقلتنا ومهاجمتنا؛ ونفرح بالإحصاءات التى تُصدّر لنا البيانات الإيجابية والمريحة؛ والتى يصاحبها طوفان العولمة ونقص الدين وانهيار الأخلاق وتفكك الأسر وإدمان الإلكترونيات وتحكم الغرب "بتقنيات السيطرة على العقول" في أسرنا وأطفالنا.

ففى سابق العهود كان اعداؤنا يدرسوننا كحشود، أما اليوم فيدرسوننا كأفراد؛ لكل فرد فينا قاعدة بيانات تحوى كل تاريخه (اسمه وميلاده ووظيفته وعائلته وأقاربه وأصدقائه ومعارفه وأفكاره واهتمامته وحواراته وصوره وصوته وأسراره ومن يحب ومن يكره وأمراضه وأدويته ومشاويره وخروجاته ومشاعره وبما يتأثر وفيما يفكر هذه اللحظة) ... شئ مرعب! أليس كذلك؟!.

نعم أيتها الشعوب العربية، بينما تبنون وتعمّرون يسيطرون على عقول مواطنيكم وأطفالكم عبر الإلكترونيات فيصبح الموبايل الذكي والتابلت والبرامج الإلكترونية بالنسبة للطفل أهم من أمه وأبيه وأخواته؛ ويدمن أطفالكم وشبابكم الألعاب - المبرمجة بشكل خفي - لتشكيل عقولهم وحثهم عبر أوامر لعقلهم الباطن على رفض الانصياع لأسرهم والتمرد على مجتمعهم ونظام دولتهم. وبينما تطورون "نظام دولتكم الرقمي" يطورون أنواعًا من البرامج ليتحكموا بمساعدتكم فى معرفة كل ما خفى عنهم من معلوماتكم وبياناتكم؛ وأنتم فرحين بالفوائد الزهيدة التى تحصلون عليها ولا تعرفون أنهم يمكنهم تدميرها وتدميركم من خلالها فى لمح البصر؛ ولا أدرى هل أتعجب من عدم إدراك الدول للمخاطر المحدقة بهم والواضحة كما الشمس؟! أم أتعجب من تجاهلهم حقيقة أننا نلعب على ملعب اعدائنا بسذاجة منقطعة النظير؟!


فكيف يُدار حكم البلاد والعباد بفن:

والآن ربما قد حان الوقت لنُعيد تشكيل الوعى الصحيح للشعوب العربية والإسلامية ببرمجة العقول على التفكير العقلاني والمنطق السليم وتأسيس القلوب على أساسيات المنهج المستقيم الذى ارتضاه لنا الله جل وعلا فى المعاملات والعبادات وترك كل مادون ذلك ... لذا سأقدم لكم اقتراحي الآن لممارسة الحكم بفن وذكاء وذلك عبر عدة تدابير أولها: تأسيس"وحدة رسمية لإدارة الحشود" فمع نقص الدين وغياب الأخلاق وارتفاع صوت الذين لا يفقهون حديثًا وفراغهم؛ وجب على ولاة الأمر إحكام السيطرة على الحشود حتى تأتي جهود التنمية البشرية وغير البشرية بثمارها؛ لكن لو انتظرنا بينما يحدث ذلك دون سيطرة منا؛ سيستغل اعداؤنا هذا الوقت لتدميرنا؛ فهذه حرب وجود يستحيل تجنبها.

الآن دعنا نطبق ما نقول:

فما هى هذه "الوحدة الرسمية لإدارة الحشود":

هى وحدة متطورة لها هيكل أمني ونفسي واجتماعي وديني وتكنولوجي وصلاحيات كبيرة، وتشرف على عدة قطاعات مؤثرة بالدولة وتتبع الرئيس مباشرة؛ وتقوم هذه الوحدة بجهود ثابتة ودائمة لإصلاح المجتمع ومواطنيه؛ وتكون حائط سد تجاه كل ما يخرب الدولة أو المجتمع .


فما هى وظائف هذه "الوحدة الرسمية لإدارة الحشود":

-تأسيس شبكات تواصل اجتماعي محلية خوادمها أو سيرفراتها تحت إدارة وسيطرة الدولة الكاملة والعمل على وقف شبكات التواصل "المخابراتية" الغربية جميعها، وإحباط وكشف مخططاتها الخبيثة وتعطيل آلياتها بشكل غير مباشر؛ وتدير هذه الوحدة الرسمية الشبكات الاجتماعية المحلية عبر مركز معلوماتها وتُقدم تقاريرها للدولة بعد دراسات مستمرة على توجهات مستخدمى هذه الشبكات؛ لاكتشاف علامات الخطر ومعالجتها قبل تفاقمها فى شكل فكر متطرف أو أعمال الفوضى والتخريب لموارد الدولة ومؤسساتها الفاعلة. كمثال: روسيا والتي هددت شبكات التواصل بالإغلاق وإبطائها 90% إذ لم تلتزم بحذف روابط ومنشورات لا تحترم القانون الروسي. ففي نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، اعتبر الرئيس فلاديمير بوتين في دافوس بسويسرا أن عمالقة الإنترنت "في منافسة فعلية مع الدول" متحدثا عن "محاولاتهم للسيطرة بالقوة على المجتمع".

-إحكام السيطرة على الفكر الداخل عبر الإنترنت بلا رقابة وعمل رقابة مشددة عليه باستخدام تقنيات لغلق ومنع أى موقع أو قناة تسبب أية أضرار عند الظهور لمستخدمي الإنترنت؛ ليس فقط الأضرار المادية؛ بل والإضرار النفسية والاجتماعية والفكرية أيضاً. ووقف مد الإشاعات بإغلاق فوري لأى موقع أو قناة تهاجم الدولة وتشوه إنجازاتها وتصيب الناس بالإحباطات الكثيرة لتخلق مجتمع سلبي ومكتئب ولامبالي؛ لا يعمل ولا ينجز ولا ينتج شيئًا. وتركيا كمثال: فلقد أغلقت وكيبيديا تماما عندما وصفت إحدى صفحاتها حاكم بلادها بالديكتاتور؛ وكانت تركيا تغلق تويتر كلما تكلمت أحدى الصفحات فيه عن إنجازات الدولة أو الحاكم بشكل غير لائق؛ ولا تفتح لمستخدمي الموقع صفحاته حتى ترفع الشبكة التغريدات غير اللائقة من وجهة نظرهم.

-تدريب أشخاص مؤثرين ذوو كاريزما charismaبحيث يشاركوا الدولة فى عملية التربية والإرشاد للمواطنين وغرس قيم الخير والصلاح فى نفوسهم ؛ على أن يظهروا أفكارهم بشكل حيادي بعيد عن تملق النظام؛ وبعيد إعلاميا عن إظهار أفكارهم عبر الشاشات والبرامج المنسوبة للدولة.

-إنتاج برامج تليفزيونية وإذاعية هادفة توجه الفكر لزيادة حث مواطنى الدولة على تحصيل العلم والثقافة؛ وتعظيم قيمة العمل والإنتاج وتحصيل العلوم؛ كمثال: برنامج خواطر لأحمد الشقيري وبرنامج لحظة فى ناشيونال جوغرافيك. كما يجب أن تنتج الدولة برامج تعلم المسلمين أساسيات دينهم فى العبادات والمعاملات؛ برامج متخصصة ومكثفة لشيوخ ثقات يحبهم الناس ويحترموهم. كبرنامج "الدنيا بخير" على قناة الحياة للشيخ رمضان عبد الرازق والشيخ عويضة عثمان.

-توليد الأفكار التى تحتاجها البلاد للنهوض فى كافة المجالات والترويج لها فى الكتب المدرسية والجامعية؛ ودعم الكتب والبرامج المسموعة والمرئية التى تدعم هذه الأفكار وتنشرها بسرعة وبشكل مؤثر وفعال. مثال: موسوعة قصص الأطفال للشيخ محمود المصري – كتب تنمية المهارات والقدرات المعرفية. مع إنشاء مكتبات مرئية "سينما" لعرض المواد والبرامج التعليمية وبرامج التثقيف الديني المتخصصة.

-صناعة العادات التى تنهض بالبلاد والعباد: تقوم هذه الإدارة بناء على مراقبة الحشود بوضع عادات تقوم بترسيخها بمساعدة المؤسسات التنفيذية؛ للدولة لتوجيه أفراد الشعب لما يصلحهم ويصلح أحوالهم ومصالحهم. فإغلاق المحلات مثلا فى ساعات مبكرة سيعوّد الناس على عادة النوم مبكرًا والاستيقاظ مبكرًا وبالتالى تصح الأبدان ويرتفع التركيز وتزيد الإنتاجية ويقل استهلاك الموارد من طعام وكهرباء ومواصلات ...إلخ. كما أن فرض غرامات كبيرة وفورية على رمي القمامة فى الشارع سينشر عادة المحافظة على النظافة ويمنع التلوث وينشر الجمال حولنا.

-إنشاء مدارس مهنية بعيدة عن تنسيق الجامعات لكل راغب فى تعلم حرفة معينة؛ لتولد الدولة عددًا ضخمًا من المهنيين يدعمون مصانعها فى كل المجالات؛ وتُنهى بطالة الشباب؛ والعمل أيضاً على تعظيم قيمة العمل المهني وتوسيع المدارك والقدرات للمتقدمين لهذه المدارس؛ مع إعطاء المتقدمين محاضرات ودورات تدريبية فى سلوكيات العمل المهنية السليمة وفقاً لتعاليم الدين القويم؛ لنوجد ليس فقط عمالة ماهرة بل عمالة ذات أخلاق مهنية راقية.

-تعديل الخطاب الحكومى والتأكد من فعاليته القيام بعمل خطاب حكومي موجه مدروس من قبل إدارة متخصصة تحوى خبراء نفسيين واجتماعيين وخبراء تسويق وأساتذة خطابة مؤثرين وخلافه. كمثال: ليشتمل الخطاب الحكومي فى المستقبل بالإضافة إلى عرض مميزات الخدمات الجديدة التى تقدمها الدولة للشعب؛ إلى عرض الفوائد أو حجم الاستفادة التى سيحصلها كل مواطن من هذه الخدمات. فعندما نبني الكباري والطرق لا نقول للمواطن فقط ميزاتها من خفض زحمة السير وسيولة المرور؛ وتنشيط حركة التجارة؛ وتقليل التلوث السمعى والبصري والبيئي؛ بل نقول له: ستنخفض فاتورة إستهلاكك للبنزين للنصف؛ وفاتورة صيانة سيارتك السنوية ستقل لأكثر من 70% نتيجة تحسين جودة الطرق؛ وتستطيع كذلك إنجاز أكثر من مصلحة لك فى نفس اليوم؛ ولن تقلق بعد الآن من الضغط والتوتر وقت الذروة؛ وسيتحقق لك الأمان ولعائلتك فلا خوف من التزاحم والمضايقات وحوداث الطرق بعد اليوم.

-الحرص على عدم فضح المجتمع والمحافظة على صورته المحترمة وقيمه وثوابته الأخلاقية والحد من ظهور برامج التوك شو talk show غير المؤهلة لمخاطبة الجمهور بشكل عقلاني وحيادي وراقي؛ فالساحة الإعلامية يجب أن تحترم خصوصية ثقافة المشاهدين فلا يذاع ما يهيج المشاعر ويشيع الفاحشة فى المجتمع لمجرد رفع نسب المشاهدة؛ فلا يخفى على أحد كم الثرثرة التى نسمعها يومياًّ فى هذه البرامج دون طائل، وكم الجرائم التى تُعرض والتى محلها الأقسام والمحاكم وليس الشاشات التى يشاهدها الصغار ويتأثرون بها؛ كما أن قضايا الأسرة أصبحت حديث كل لحظة لغير المتخصصين؛ بل أصبحت لعبة الإعلام لشد انتباه المشاهدين لبرامجهم الجدلية المرهقة للأعصاب ولنفوس المشاهدين. ومن أمثلة برامج التوك شو talk show الموضوعية والراقية "برنامج 90 دقيقة" لأحمد كمال و"برنامج نظرة" لحمدي رزق على قناة صدي البلد .

-الرقابة الواعية من هذه الوحدة على عمل هيئة المصنفات الفنية والتأكد من نشرها الإنتاج الفنى المحترم فقط من مسلسلات وأفلام وبرامج وأغانٍ؛ مع وضع شروط وضوابط للعمل الفني لا يخرج عنها؛ ومنع المبتذل منها والذى يُعلم أبناءنا استباحة الحرمات والتعلق بالملذات واعتياد المحرمات. وتوجيه الفن بإنتاج وشراء أفلام وبرامج تعمل على نشر قيم العمل والعطاء وتجسد البطولات الحقيقية وتوثق الأحداث الهامة والمؤثرة ايجابيًّا فى المجتمع. كمثال: أفلام تاريخية – أفلام الملاحم - البرامج الوثائقية – البرامج العلمية – برامج تنمية الذات والشخصية – برامج إدارية – برامج التثقيف الديني "البرامج الترفيهية والتعليمية: التى تُعلّم المهارات كالنجارة والديكور والبستنة والأعمال اليدوية كصناعة الخزف والفخار والسجاد اليدوي ... الخ".

-الحد من البرامج التجارية المكثفة والتى اكتظت بها جميع الفضائيات ومنع التلاعب بالناس واحتياجاتهم؛ وتوجيه القنوات الفضائية لعرض مواد إعلامية وتثقيفية وتربوية مفيدة، وتحديد مدة الإعلانات التجارية فى كل قناة. وتقليص برامج الطعام وفقرات الطبخ التى ترفع من معدل السمنة فى البلاد وتزيد من الأمراض وتثبط الهمم فتتكاسل عن العمل والإنجاز وتروّج لمنتجات مصنعة قد تضر الجسم والعقل.

-تأسيس "مدارس الأخلاق" والإشراف عليها لتعليم السلوكيات الصحيحة وفنون الاتصال الفعال والمهارات الاجتماعية وقيم العطاء لكل مواطني الدولة وذلك بالاستعانة بالأسس الدينية الصحيحة على منهج الله تعالى من القرآن والسنة المطهرة. ويكون لها منهج دراسي وتطبيقي يضعه متخصصون تربويون ومتخصصون فى فنون الاتصالات الإنسانية وعلماء الدين؛ وتُدعم هذه المدارس من قبل الدولة والقطاع الخاص مجانًا لكل من يريد الالتحاق بها دون التقيد بالسن أو مستوى التعليم.

ولا أريد أن يُفهم من هذا الكلام أني أريد الابتعاد عن احترام الخصوصية والحريات والديمقراطية؛ ولماذا نرتضى أن يديرنا اعداؤنا ويأخذون كافة معلوماتنا ويسيطرون على توجيه آرائنا وأفكارنا؟ ونرحب بذلك عبر موافقتنا على اتفاقيات الاستخدام والخصوصية لمنتجاتهم الإلكترونية وبرامجهم ونحن مغمضي الأعين؛ ونصرخ مستنجدين بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية عندما يقوم بهذا أهالينا للحفاظ علينا وعلى آمن بلادنا!

لقد درست علومهم سنينَ طويلة؛ وأدرتُ ثلاثَ شركاتٍ فى مجال تقنية المعلومات؛ لذا فأنا أعلم جيدًا ما أتحدث عنه وأدرك حجم الخطر الكبير والتلاعب الماكر المحيط بنا عبر "تقنيات السيطرة على العقول" و"إعادة برمجة العقل الباطن" والذى يطبق علينا فى كل شيء اليوم؛ بحيث يصبح فى مقدور اعدائنا ليس فقط إسقاط دولنا فى أيامٍ قلائل؛ بل وإسقاط أنظمة كاملة عالمية وذات ثقل فى شهورٍ معدودة .... دون أن يتحركوا من مكانهم أو يحركوا ساكنًا.

عرضتُ فى مقالى المخاطر والتهديدات التى تحيط بنا اليوم عبر الحروب النفسية والفكرية والحروب التكنولوجية المدعمة بتقنيات جهنمية؛ وخطط الاستحواذ على كل معلومات العالم للتلاعب بالدول والشعوب؛ ووضحت أنه ما عاد اعداؤنا يدرسوننا كمجموعات بل كأفراد؛ وخطر ذلك على الأسرة والمجتمع كله؛ وقد كتبت هذا المقال لأنبه كل الشعوب العربية والإسلامية أننا لسنا فى مرحلة التقدم والعظمة كما يتوهمون؛ بل فى مرحلة الوعى الزائف والوقوع فى شراك اعدائنا والاعتماد عليهم بحمق وسذاجة؛ لذا وجب علينا جميعا الاستيقاظ من هذه الغفلة؛ وتفعيل الجهود الاستثنائية والتفكير بشكل مختلف وبذكاء للخروج بشعوبنا من هذا الشرك بأمان وسلام.

وقد يقول الكثيرون من ولاة الأمر أننا لسنا حمقى بما يكفي لتحدي هذا الوحش أو "حكومات العالم الخفية". وأقول لهم: نعم لا يمكن للقوة أن تواجَه بالضعف؛ لكن يمكن للقوة أن تواجه بحكام محنكين يستعينون بالله ويديرون حروب بلادهم الخفية بحكمةٍ وفنٍ ودهاء؛ فهذا واجبهم الذى اقسموا عليه أمام الله وأمام شعبهم فى تأمين دولهم ومواطنيها ومحاربة اعدائها؛ فلا يصح أبدًا أن نكون تحت رحمة من لا يرحم؛ وتكون حياة دولنا وشعوبنا متوقفه على رضاه. فثمة أعاجيب يستطيع الحاكم التقيّ الفطن أن يُحدثها فى دولته بنيته الصادقة وخططه وجهوده المركزة والاستثنائية لتُقلب المائدة على اعدائه وأعداء دينه ووطنه؛ فيخسرون ليس فقط الحرب بل ويخسرون أموالهم التى انفقوها بالمليارات لدعم خططهم الجهنمية لعقودٍ طويلة.

القادم مخيف مالم ندرك ما يُحاك لنا الآن؛ واكتفينا بعمارة البلاد والتصدى لاعدائنا الظاهرين؛ القادم لن يضرنا مهما كان عظيمًا إذا تحركنا فورًا وأمنَّا شعوبَنا بدهاء وتصدينا لاعدائنا الظاهرين والمتخفين؛ واستصلحنا مواردنا البشرية والطبيعية وأدرناها بمهارة وفن واقتدار. فيدٌ تحارب ويدٌ تعمر الأرض.

يقول تعالى فى سورة الأنفال آية "36":

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَة ثمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)

صدق الله العظيم

دمتم جميعا سالمين آمنين حفظكم الله وثبتنا كافة على صراطه المستقيم. والله الموفِّق والمستعان

وللحديث بقية ...

كلمات مفتاحية: فن الحكم ، فن الحكم في الإسلام ، فن الحكم البلاد والعباد ، فن الحكم pdf ، فن حكم البلاد والعباد ، فن حكم البلاد والعباد ، فن حكم الدولة ، من حكم البلاد والعباد ، تحميل فن الحكم ، فنون الحرب النفسية ، نظريات الحرب النفسية ، أساليب الحرب النفسية ، ادارة الحشود ، الحرب النفسية وغسيل المخ pdf ، غسيل الدماغ والحرب النفسية ، من حكم البلاد ، أهمية الحرب النفسية ، أساليب الحرب النفسية ، أهمية الحرب النفسية ، الحرب النفسية وانواعها ، الحرب النفسية الحديثة ، الحرب النفسية في العصر الحديث ، الحرب النفسية الإستراتيجية ، الحرب النفسية في الإعلام ، الحرب النفسية وأساليبها وقوة تأثيرها ، الحرب النفسية الإستراتيجية ، الحروب النفسية ، ادارة الدولة بطرق مختلفة ، السيطرة على الحشد ، السيطرة على الحشود ، آليات الحكم الرشيد ، تخصص إدارة الحشود ، محالات الحكم الرشيد ، تطبيقات الحكم الراشد في الحياة السياسية ، أسلحة الحرب النفسية ، الحكم الراشد والتنمية المستدامة ، ادارة الدولة ، الحروب الحديثة والمستقبلية ، استراتيجية الحروب الحديثة ، آليات الحكم الراشد ، فن إدارة الحشود ، فن الحكم في الإسلام ، من حكم البلاد والعباد ، حروب الجيل الرابع ، بحث حول الحكم الراشد ، ادارة الدولة والحكم الرشيد ، الحكم الرشيد والتنمية المستدامة ، حروب الجيل الخامس ، علم إدارة الحشود ، نموذج خطة إدارة الحشود ، ما هى إدارة الحشود ، حروب الجيل الثالث ، الحروب الجديدة ، الحرب الجديدة ، الحروب الجديدة في النظام الدولي ، نظام الحكم والمتاجرة بالخلافة ، ادارة الحكم الرشيد ، ادارة الحكم ، إدارة حكم أفضل لأجل التنمية في الشرق الأوسط ، فن الادارة الحديثة ، فن الادارة الحديثة للدولة ، أساليب الإدارة الحديثة ، أهمية الإدارة الحديثة.

التعليقات على فن حكم البلاد والعباد "1"

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
18095

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري