ما هي الأمومة؟

لم تكن قضية الأمومة خاصة بالإنسان والمجتمع الإنساني فقط, بل إنها قضية موجودة عند الحيوانات, مع اختلاف الدافع. فالدافع عند الحيوانات غريزي وأقل شدة بما هو عند الإنسان, وإن مسألة الأمومة تختلف باختلاف ثقافة وتركيبة المجتمع البشري, وإنه على استعداد أن يستقبل صغار غيره من نفس الفصيلة ويعتني بهم, إلا أن هذه الرغبة تختلف عند الإنسان باختلاف التربية والحب والثقافة, وإن هذه الرغبة لا نجدها على حدّ سواء في جميع المجتمعات البشرية, إلا أن هناك وجوه مشتركة وأقلها الحب الفطري واستعداد المرأة للقيام بوظائف الأمومة, وضع الله سبحانه وتعالى الحب الفطري في قلب الأم تجاه صغارها لرعايتهم, وإن هذا الحب نجده واضحاً وجلياً في سنوات الشباب والبلوغ ويصل إلى أعلى درجات الكمال في مراحل الحمل.

  من هي الأم؟

الأم هي الإنسانة التي تقوم بحمل صغيرها بين أحشائها قرابة تسعة أشهر, ومن ثم تقوم بتربية والعناية به, وإنها لا تطمح بجزاء مادي أو معنوي لقاء أتعابها, إنها العين الساهرة والمراقبة, تسهر الليالي من أجله, لا من أجل أن يأخذ بيدها في سنوات العجز والمشيب, وتضع حياتها (في أوقات كثيرة) على حافة الموت من أجل عزيزها, ولا تريد له سوى الخير والسعادة والهناء, فالأم ملاك من ملائكة السماء على الأرض استعارت جسد الإنسان وتتصف بالصفات السامية والقدسية والملكوتية..

ما هي الأمومة..

الأمومة حالة ترى أن الصفات السامية للجمال تتجسم في تربية ورعاية أبنائها, ومن أجل ذلك تضحّي بكل الأشياء وتتنازل عن رغباتها الخاصة وللوصول إلى سعادة أبنائها, فهي لا تميز بين القبيح والجميل.

الأمومة فضيلة ملكوتية, تجسدت في كيان الإنسان الترابي وتجلت فيها جميع معاني,الصراحة, الصدق, الحب, الصفاء, العدل, والتقوى الجميلة, إلى جانب اسم الأم تجد الفضيلة, الحب, الإخلاص, التضحية بالمال وترك ملذات الحياة والراحة.

الأمومة, علم عميق وأصول دقيقة تجدها في أعماق ربة المنزل, والتي تؤدي إلى الكمال والتخصص في تربية الأبناء بدون أي طمع أو مصلحة خاصة, وإن أي خطأ أو اشتباه سيؤدي إلى ضياع جيل وفساد مجتمع, والمراقبة من المجتمع, لا شك سيؤدي ذلك إلى ظهور مجتمع محب ومتكامل يريد الخير للجميع.

الأمومة, فن ظريف وجميل متقن, والعمل فيه يستوجب زمن, يتم العمل فيه بدقة متناهية وتخصص كافٍ ونتيجة هذا الفن الظريف هي تربية إبن بارّ, محب, عادل, يحب الخير للجميع, متقٍ, متكاملٍ, ويعمل من أجل رفع راية الحق.

قلنا أن الأمومة فن, ذلك لأن عمل الأمومة تربية الأبناء, وصناعة الإنسان, تربية الرجال الأخيار, ووضع الأسس الأخلاقية والإنسانية, وصنع مجتمع صالح للغد القادم, ومسك زمام وقلب المجتمع النابض, وإدارة العائلة وتنظيم أمورها, وإن هذه الأعمال لا يمكن أن يقوم بها إنسان جاهل أو بسيط ساذج.

خصائص الأم..

الأم حب بدون شروط, حب وأحاسيس, حب دون أن يتدخل فيه العقل, قوي وعميق وأعمق من أي حب آخر, حب لا من أجل مادة أو جزاء معنوي, حب ضروري لإنسان جديد, لا حول له ولا قوة, إنسان لا يستطيع الدفاع عن نفسه حتى مقابل بعوضة. حب لإنسان بحاجة ماسة لهذا الحب لنموه ووجوده. حب لإنسان بريء.

للأم عواطف جياشة مليئة بالحب والحنان والتضحية والإيثار, لتربية أبنائها وإنقاذهم من مخاطر الحياة, ومن أجله تستسلم لمخاطر الحياة وتنسى ملذاتها ولحظاتها الجميلة حتى وإن كانت من دون عودة.

الأم مضحية, وهذه التضحية مظهر من مظاهر شرف الأمومة, تنسى نفسها من أجل تحقيق أهداف ابنها, إنها وأمام جمال الدنيا وسعادتها لا ترى سوى عزيزها, ولا يستبدل ابنها بأي شيء كان, فهي تسهر الليالي الطويلة, تراقب ابنها المريض بقلب ولهان دون أن تشعر بالتعب والعجز حتى لحظة واحدة.

وظائف الأم

من الخطأ أن نعتبر عمل الأم, عملاً بسيطاً ومتواضعاً, فإن مقامها ليس بأقل من مقام مدير عام أو تصدي لوزارة. فالأم الجيدة أحسن من مائة طبيب ومهندس, وإن مقامها أرفع من مقام مائة معلم ومربي, فهي التي تربي الإنسان تعلمه الأدب والمعرفة, تعلمه الأخلاق, عملها صناعة الإنسان, زرع الحب والفضيلة في نفسه, زرع الحب المعنوي في النفوس فالأم الجيدة تضحّي بغرورها وملذاتها من أجل عزيزها, حتى أنها على استعداد تام لسد دفاتر حبها وحياتها لمدة زمنية وفتح صفحات جديدة في حياتها من أجل تربية إبنها ونسيان ذاتها, وإن هذه التضحيات في الحقيقة يجب أن نقف أمامها موقف إجلال وتعظيم.

شروط الأمومة:

من الخطأ أن نعتبر أن شروط الأمومة تعني حمل الطفل قرابة تسعة أشهر ومن ثم الولادة والرضاعة, وعدم الاهتمام بالأمور الأخرى. ومن شروطها تقميط الطفل وتغيير ملابسه, فلكي تكون الأم, أمّا بالمعنى الحقيقي عليها تربية الطفل بالمعنى العلمي والصحيح والذي عليه الدين الإسلامي الحنيف, حيث يبدأ عمل الأم الحقيقي من الساعات الأولى للحمل, وينتهي دورها مع انتهاء فترة التربية الأساسية, وإن مسؤولية الأم في هذه المدة, هي التربية الجسدية والعقلية, وبالتالي صناعة الإنسان.

والمهم في هذا المجال إلمام الأم بالمسائل التربوية والصحية والنفسية والاجتماعية, حتى تتمكن من تطبيقها في تربية ابنها, إنها بحاجة ماسة إلى الإنصاف والمتانة والقوة والثقافة والبعد الفكري والقدرة على صناعة النفس, المسامحة والتضحية, الحب, ورعاية أصول التعادل والعدالة والموازنة في جميع جوانب الحياة والابتعاد عن الأفكار الصبيانية. لذا وعلى هذا الأساس, فليس كل امرأة يليق بها عمل الأمومة, وإن المرأة التي لا تفتخر بعملها كأم من الأرجح أن لا تكون أماً..

مسؤولية الأمومة

إن صعوبة دور الأمومة تكمن في مسؤوليتها الصعبة تجاه نفسها وزوجها وأولادها والمجتمع والله عزوجل, إنها وقبل أن تقوم بصناعة الآخرين عليها أن تقوم بصناعة نفسها وإن ذلك لا يعتبر أمراً سهلاً وبسيطاً.

الكاتب: الكاتب الدكتور علي القائمي

التعليقات على ما هي الأمومة؟ (2)

مشاعلMonday, December 5, 2016

هل للاتب مرجع نستطيع توثيقه في البحث العلمي الذي اقوم بانجازه؟ .............. رد: كنت أتمنى مساعدتك، ولكني للآسف لا أعلم. تحياتي وتقديري

salahWednesday, November 14, 2012

دئماً المواضيع المتعلقه بالام من اجمل المواضيع لان الام هى التى دعت الانسان الى كتابه هذا الموضوع وتستاهل اكثر من موضوع

وشكرً صلاح فضل السودان.

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
6407

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري