مقالات الوعىتنمية المرأةتنمية ربة البيت › كيف تكونين موظّفة داخل جدران البيت؟

كيف تكونين موظّفة داخل جدران البيت؟

قد تخرج المرأة للعمل لعدة أسباب من بينها الظروف الاقتصادية .. وإذا كانت الدراسات الميدانية تؤكد أن دخل المرأة من العمل الوظيفي لا يشكل سوى 15% من دخل الأسرة، وأن معظم راتب المرأة العاملة يتم إنفاقه في وسائل المواصلات، واستهلاك الملابس والأحذية، فما هو الحل لكي تصبح المرأة منتجة؟

يقول الدكتور حامد الموصلي الأستاذ بكلية الهندسة جامعة عين شمس: هناك مغالطة كبرى، وهي أن دائرة عمل المرأة قاصرة على المنشآت والمؤسسات التي يضمها القطاع المنظم، وأن المرأة كي تعمل وتكتسب صفة "المرأة العاملة" عليها أن تخرج من المنزل، فمن قال: إن المرأة التي تبقى في المنزل لا تعمل؟ إن هناك إحصائيات تقول: إن ساعات عمل المرأة في بلد مثل فرنسا داخل البيوت بلغت (45) مليار ساعة في السنة في حين لم تتعد عدد ساعات العمل للقوى العاملة من الجنسين خارج المنزل (44) مليار ساعة .. ونخلص من هذا إلى أن ربة البيت تعمل أكثر من نظيرتها التي تعمل خارج المنزل وهي أيضًا "امرأة عاملة".
وتشير إحدى الدراسات التي أُجريت في أمريكا إلى أن ما يحققه العمل المنزلي للمرأة من عائد يمثل حوالي ثلث الناتج القومي إذا قُيم بأسعار السوق، وأن متوسط قيمة الإنتاج المنزلي الذي تقوم به الزوجة الأمريكية يمثل حوالي 60% من الدخل النقدي للأسرة، هذا الكلام ليس موقفاً ضد عمل المرأة خارج المنزل؛ فنحن مدعوون رجالاً ونساءً للعمل كل لما يُسّر له، ووفقاً لما تمليه مصلحة الجماعة والأمة من ناحية، والظروف الخاصة بكل أسرة من ناحية أخرى .. ولكن المطلوب ألا يُنظر لخروج المرأة للعمل خارج المنزل كما لو كان يمثل إنجازاً في حد ذاته، أو هروباً من مسؤوليات أضخم وعمل أهم وأشق في بيتها.

ويُعرّف الدكتور حامد الموصلي معنى التنمية فيقول: إن معناها السائد في الفكر الاقتصادي هو تحقيق أعلى معدل نمو ممكن، أما إذا نظرنا للتنمية بصفتها بالمعنى الحضاري الارتقاء بالجماعة والأمة فسوف يأتي إلى جانب الهدف الاقتصادي أهداف أخرى حضارية واجتماعية، وسوف يُنظر إلى دور المرأة في التنمية من منظور مركب، فالمرأة حاملة للتراث الحضاري أكثر من الرجل، ودورها في التنشئة الحضارية للأجيال الجديدة أهم من دور الرجل.

أما الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة فيقول: إن دور المرأة في التنمية يتمثل في جانبين: جانب الاستهلاك وجانب الإنتاج .. وبالنسبة لجانب الاستهلاك إذا ما تحلت المرأة بأخلاقيات وضوابط المنهج الإسلامي في الاستهلاك استطاعت -كربة بيت- أن ترشّد الاستهلاك دون تبذير أو إسراف .. وهذا التوازن يساهم في زيادة إنتاج الأسرة، بالإضافة إلى ما يمكن أن تقوم به من عمل منتج داخل جدران البيت.

المرأة الريفية أكثر إنتاجاً

وفي دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة أكّدت الدراسة أن الآثار الاقتصادية التي تترتب على زيادة دخل الأسرة الريفية بإمكاناتها المحدودة تكون ملموسة فعلاً؛ فهم يبيعون البيض والديوك لأنها لا تبيض، أو يذبحونها في المنزل فتتوفر المبالغ التي كانت ستُنفق في شراء اللحوم، ولا تكلفهم تربية هذه الدواجن كثيراً؛ لأنها تتغذى على فضلات الطعام في المنزل، وهم عادة يطلقونها في الشوارع أو على الأسطح فتلتقط ما يقابلها بجانب توفير الحبوب التي قد تكون موجودة في المنزل من محصول الأرض.
وتشير الدكتورة إلهام عبد الجليل الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن المرأة في القرى تقوم بعمل إنتاجي هام بجانب أعبائها المنزلية، ويتمثل هذا الإنتاج من مستخرجات الألبان والبيض والطيور، والمرأة بذلك تساهم بقدر إمكاناتها المحدودة في دخل الأسرة.

المرأة الغربية مرغمة على العمل

تقول د. هدى فراج أستاذة علم الاجتماع: إن مفهوم عمل المرأة والاهتمام به في الغرب يرجع إلى بداية الثورة الصناعية في أوروبا, وذلك عندما بدأ عمال المصانع يضربون عن العمل نتيجة لإرهاقهم بساعات عمل طويلة وذات أجر محدود. بسبب ذلك دخلت المرأة ميدان العمل لتغطي نقص الأيدي العاملة في المصانع, خوفاً من توقف العمل والخسارة المالية المترتبة على ذلك.

والمرأة في الغرب لم تنزل إلى ميدان العمل, إلا بعد أن تخلى الرجل عن سد حاجاتها، فصارت مرغمة على العمل.
والأب في الدول الغربية لا تكلفه الدولة ولا الأعراف الإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشرة من عمرها؛ لذا فهو يجبرها على أن تجد عملاً إذا بلغت هذه السن, أو أن تدفع له أجرة الغرفة التي تسكنها.
ولقد نتج عن عمل المرأة في الغرب أن تفكّكت الأسر, وتشرّد الأطفال، وهذا ما دعا علماء الغرب ومفكريه لرفع أصواتهم عالياً منذرين محذرين مجتمعاتهم من الهاوية نتيجة عمل المرأة خارج بيتها.

كيف يُقاس عمل المرأة؟

ويرى د.صالح العساف أن المرأة تعمل عندما تكون هناك حاجة اجتماعية ملحة تتطلب أن تعمل المرأة عملاً مأجوراً يتفق مع تكوينها وأنوثتها، ولا يتصادم مع قيم الإسلام. وينبغي أن يكون لعمل المرأة شروط وضمانات مثل: ألاّ ينافي عملها تكوينها الأنثوي، وألاّ يؤدي إلى اختلاطها بالرجال، وألاّ يعوقها عن دورها الأسري، وألاّ يكون عملها مدعاة لتبرجها.
ومن ثم إذا أُخذت هذه الضمانات في الاعتبار, وكانت هناك حاجة اجتماعية ملحة يمكن للمرأة أن تعمل عملاً مأجوراً في عدد من المجالات, وذلك مثل: الطب, والتمريض, والتدريس, والخدمة الاجتماعية, والأعمال التجارية الخاصة بالنساء كالحياكة والنسيج والخياطة.

ولكن هل عمل المرأة المأجور هو ما يجب قياسه؟ بالطبع لا, فينبغي قياس عمل المرأة المأجور, وغير المأجور المتمثل في الأمومة وتربية الأولاد وأعمال البيت.

وعدم إدخال عمل المرأة في بيتها ضمن بنود الناتج الوطني يُعدّ تضليلاً في معايير قياس النشاط الاقتصادي؛ لأن عمل المرأة في بيتها هو إنتاج, ينبغي احتسابه في الناتج الوطني بتقدير أجر المثل.

وعند النظر إلى العائد المادي المتمثل في دخل المرأة ينبغي أن نأخذ في الحسبان تكلفة الفرصة البديلة أو المضيعة والمتمثلة في أجور الخدم والسائقين، ومصاريف المربيات ودور الحضانة, والطعام المجهز خارج المنزل, مما يعني أن الصافي الناتج لا يقابل سلبيّات خروج المرأة للعمل.

الكاتب: ليلى بيومي

التعليقات على كيف تكونين موظّفة داخل جدران البيت؟

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
93636

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري