مقالات الوعىتنمية المرأةتنمية الجدة › ماما. . بعد الخمسين

ماما. . بعد الخمسين

رغم أن غالبية النساء يَحرصن على أن يكن جميلات ومتألقات في الأوساط التي يُوجَدن فيها، فيلجأ غالبيتهن إلى إخفاء تقدُّم أعمرهن، ويخفن من سنّ اليأس ومن الوصول لسنّ الخمسين أو مقاربتها، إلا أن هناك قطاعًا غير قليل من النساء يتبعن الأسلوب الواقعي والعملي ويتعاملن مع الواقع كما هو، فلا محالة من قدوم هذا السنّ المكروه.
وهذا القطاع الواقعي من النساء يتعامل بمنطق «بيدي لا بيد عمرو» ويبدأ في ترتيب حياتهن الجديدة وملأها بما يسعدهن، وابتكار أدوار اجتماعية جديدة ليقمن بها.

وهذا الأمر يطرح مشكلة هامة وهي: كيف تعدّ المرأة نفسها لكي تتعامل مع الحياة بعد الخمسين والستين؟ وما هي الخطط التي تطبقها وتستحدثها من أجل التغلب على التغيرات الصحية والنفسية والاجتماعية والعائلية في هذا السنّ، ولكي تعيش مع زوجها وأسرتها بنفس الحيوية والمشاعر التي كانت تعيش بها من قبل؟

السعادة بالأبناء

تقول السيدة إلهام محيي (موجهة بوزارة التربية والتعليم وفي الثالثة والخمسين من عمرها): "طوال عمري وأنا جادّة ولا أميل إلى الأسلوب العاطفي الانفعالي، وقد بدأت سُلم التدريس من أوله وتزوجت زميلي، وكلانا من أسرة متوسطة ومستورة.
ومع إنجاب الأطفال بدأت المسئوليات تكثر، لكني كنت أضاعف من جهدي، وكذلك كان يفعل زوجي. وقد بذلنا الكثير من الجهد في حياتنا وسافرنا أكثر من مرة للعمل، وكنا سعداء بتغيير وضعنا المادي وتوفير ما يحتاجه الأبناء.
استمتعت بحياتي وبمهنة التدريس واستمتعت بتحقيق أحلامي، واستمتعت بتطبيق الإسلام العظيم في بيتي، بمساعدة زوجي المتدين.
وهكذا وأنا فيما بعد الخمسين وجدت أجمل شيء يمكن أن يسعدني هو أن أبنائي الثلاثة الكبار في أفضل كليات والصغير في المرحلة الثانوية، وهو متفوق مثل أشقائه. وأنا الآن أجني نتيجة تعبي وجهدي، وأسعد بعلاقاتي الاجتماعية كثيرًا.
وأصبحت لنا عادة وهي الذهاب مع زوجي للعمرة كل عام بعد أن أدَّينا فريضة الحج قبل ذلك. وزوجي يخطب في المساجد ويلقي المحاضرات، أما أنا فأصبح لدي وقت فأسست حضانة نموذجية للأطفال لأطبِّق ما تعلمته، ساعدني على ذلك خبرتي الطويلة في مجال التعليم، ولا أسعى إلى تحقيق مكسب مادي من هذه الحضانة بقدر حرصي على تحقيق أهداف تربوية وتعليمية مع هؤلاء الصغار.
ومعرفتي بديني جعلتني لا أخاف من النهاية، فهذا قدر محتوم وهو سُنة الحياة، لكني أرجو أن أحْيَا حتى أكمل رسالتي مع أصغر أبنائي وأطمئن عليهم جميعًا.
والحمد لله لدي الكثير الذي أعمله لدرجة أن وقتي لا يكفي، وإذا كنت قد حققت أحلامي الشخصية فإن هذه الأحلام قد امتدت الآن إلى الأبناء لأشاركهم حياتهم".

بحث جديد

أما الحاجة وَردة إبراهيم (موظفة سابقة وفي الثانية والستين من عمرها) فتقول: "عند خروجي للمعاش كنت منزعجة وقلقة وخائفة، لكن شيئًا فشيئًا اعتدت على ذلك.
ولأن أموري المادية ميسورة والحمد لله فقد عزمت على إنشاء مشروع عمري وهو بناء مسجد، وملحق به مكتب تحفيظ قرآن، وداخل المسجد نشاط ديني واجتماعي.
أما النشاط الديني فأنا أشرف عليه وأخطط له وأختار القائمين عليه وأساعد في إعداد برامجه، وأما النشاط الاجتماعي فأنا، بفضل الله، أقوم به جميعه، فنجمع التبرعات ونكفن الموتى الفقراء ونغسلهم وندفنهم ونرعى أسرهم ونزوج اليتيمات وغير ذلك من الأنشطة التي تغسل النفس وتدفع الإنسان إلى المزيد، والتجربة أثبتت أن المسلم لا يكلّ ولا يتعب أبدًا من عمل الخير".
وتضيف وَردة بحماس: "ربما لا تصدقين أن اليوم يمرّ دون أن أشعر به، بل أشعر بأني أحتاج إلى ساعات أخرى كي أنجز العمل، وإذا أنجزت عملي أشعر برضا وسعادة تملأ قلبي.
وأنا أقضي وقتي بين أبنائي وأهلي وأهل الخير، ويجتمع الأبناء كلهم عندي مرة في الأسبوع، ووسط الأسبوع يأتي واحد منهم على الأقل، ويحدثني أكثر من واحد منهم في الهاتف يوميًا. وأحب أوقاتي هي التي أقضيها بين أحفادي".
وعن أمنيتها. . تفيد الحاجة وردة أن الموت واقفة وأن يمتعني بصحتي لأقوم بدوري حتى آخر لحظة، والذي يقلقني هو أن أتصور نفسي طريحة الفراش وعاجزة عن الحركة، لكن إذا حدث ذلك فهو قضاء الله، وهو كله خير، فلا نملك لأنفسنا شيئًا".

قناعات غير صحيحة

تؤكد د. زينب خطاب (استشارية أمراض النساء) أن التصور الذي يرى المرأة في سنّ ما بعد الخمسين يغلب عليها الشعور بالغضب وسرعة التأثر والحدة، وكذلك تصاب بالإحباط والاكتئاب والشعور بالحزن، نتيجة أزمات منتصف العمر واعتلال الصحة، هذا التصور أثبتت الدراسات الحديثة عدم صحته.
وهو تصور صحيح فقط في حالة المرأة التي تلقي بنفسها في دوامة الأوهام، أما تلك التي تعيد اكتشاف نفسها وتبحث عن دور أو أدوار جديدة وتملأ وقت فراغها، وتتفاعل بصورة أكبر مع أولادها وزوجها وأسرتها بل المحيط العائلي والاجتماعي خارج الأسرة فإنها ستنجو بالتأكيد من هذا التصور.

وأكّدت دراسات عديدة أن أغلب حالات الاكتئاب والإحباط في هذه السنّ تحيط بها أزمات منتصف العمر أو التغير الذي يطرأ على دور المرأة في الأسرة، فالأطفال يكبرون وتختلف حاجتهم للأم.. والمساندة من جانب الأسرة والأصدقاء تعدّ هامة في هذا السياق.. وقد تكتشف المرأة أنها في هذه المرحلة تتمتع بحرية أكثر، وتتخلص من العديد من الأعباء، وتزاول أنشطة جديدة ومفيدة.

وتضيف د. زينب خطاب: إن انقطاع الطمث لدى الكثير من النساء الغربيات لا يحدث إلا بعد عمر الخامسة والخمسين، وإن العمر يتمتع بمرونة يمكن التحكم بها من خلال ثقافة صحية وغذائية متقدمة. وهذا يعني أنه يمكن للكثير من النساء تخطي عتبة عمر الخمسين في ظروف صحية جيدة، حيث تتمتع المرأة معها بطاقة وحيوية ونضارة حتى مع تقدُّم سنوات العمر وبما يمكنها من الاستمتاع بالحياة بصورة طبيعية.

ويمكن للمرأة أن تعيش بصورة طبيعية وأن تواصل عملها وتهتم بمظهرها وتواصل أنماط حياتها من دون حرج أو إحباط. وأنماط الحياة الحالية تجعل من الممكن لمن تجاوزت سنّ الخمسين النساء النظر بثقة وطمأنينة نحو المستقبل شريطة حسم أمر الاعتلالات الصحية التي تبدأ في الظهور التدريجي مع العقد الخامس، حيث يمكن التخلص التدريجي من عقبات ارتفاع الضغط وتقلب الهورمونات وانخفاض مستوى أداء الجسم وخلل وظائف بعض الغدد.

روابط أسرية

تؤكد د. سوسن رشاد (أستاذة علم النفس) أن المرأة في هذه السنّ ترتبط مع زوجها ومع أولادها بعلاقات أفضل وأمتن، خاصة بعدما تخلّت عن عصبية الشباب، وبعد أن أرست قواعد ونظم معينة بين الأبناء، فهي الآن في مرحلة جَنْي الثمار وليست في مرحلة بذر البذور.
ولذلك فنحن نحذّر من ترك الأم أو الأب في هذه السنّ والتخلي عنه وإيداعه دار المسنين ليموت فيها ببطء، فالإنسان في هذه السنّ أحوج ما يكون إلى الحياة مع أبنائه وأحفاده.
كما أن الأم في هذه السنّ تكون عندها قدرة أكبر على التسامح والصفح فتصفح عن زوجة الابن وتقيم علاقة أفضل معها.
كذلك سيكون أمام المرأة متسع للاهتمام بالنواحي الدينية وختم القرآن مرّات عديدة وأداء الحجّ والعمرة والاهتمام بصلاة النافلة وزيادة معدل الصدقات والإنفاق في سبيل الله.

... هو الحل

تقول السيدة منى صلاح الدين (رئيسة إحدى الجمعيات الخيرية): معظم القائمين على العمل الاجتماعي والخيري نساء فُضْليات تجاوزن الخمسين ويتفرغن للعمل الإسلامي من خلال حفظ وتحفيظ القرآن للصغار والاهتمام برعاية الأيتام والمعوقين.
فرائدات المساجد والجمعيات الخيرية من النساء والفضليات اللاتي سخّرن وقتهن لخدمة المجتمع وقضاء حوائج الناس.
وتضيف منى صلاح الدين: إننا والحمد لله في المجتمعات الإسلامية ليس لدينا أمراض نفسية أو اكتئاب بفضل الروح الاجتماعية والتدين المتأصل في نفوس الكبار والصغار... وما زال مجتمعنا بخير... والمرأة فيه تتمتع بتقدير واحترام من جميع أفراد الأسرة... فالمرأة في المجتمعات الغربية تعتمد في علاقتها مع الرجل على شبابها وجمالها وحيويتها.. لذلك عندما تفقد هذه الأشياء تصبح بلا قيمة... ولذلك تتجه نحو العيادات النفسية والتفكير في الانتحار وتعاطي أدوية مضادات الاكتئاب... وليس عندهن ما عندنا؛ حيث إن المرأة هي أم ومربية وشريكة عمر وتكريمها في كل مراحل العمر واجب شرعي.

سنّ الأمل!

يقول د. إبراهيم الأعسر (أستاذ الغدد الصماء): ما يطلق عليه "سنّ اليأس" لا يعني أن المرأة وصلت إلى حدّ اليأس في حياتها ويجب عزلها عن المجتمع، وإنما هو تعبير طبّي يعني انقطاع فترة الطَّمس، والأعراض الناجمة عن هذه الحالة تكون على شكل تعكُّر في المزاج وبعض الاكتئاب، والسبب في ذلك أن المرأة تتعرض لانقطاع الدورة الشهرية نتيجة قلّة إنتاج المبيض لهرمونات الأنوثة، والهرمونات هي سوائل كيميائية تفرزها الغدد الصماء في مجرى الدم لتنظيم أنشطة الأعضاء الحيوية، وقد اشتقّ لفظ هرمون من كلمة يونانية تعنى يحفز ويثير، وهى تحفظ للجسم حيويته وقدرته على تعويض ما فُقد، وهناك تغيرات هرمونية كثيرة تظهر أثناء سنّ اليأس، والسبب هو انخفاض هرمون الإستروجين الذي يلعب دورًا رئيسيًا في الحفاظ على حيوية المرأة ويحميها من الإصابة بأمراض القلب وهشاشة العظام، كما ينخفض هرمون الإستروجين الذي يعمل في النصف الثاني من الدورة الشهرية ويهيئ بطانة الرحم لاستقبال البيضة التي يفرزها المبيض شهريًا إذا ما كانت مُخَصّبة، فإن لم تكن فإنه يعمل على تمزيق بطانة الرحم فتحدث الدورة الشهرية.
وتختلف الاستجابة الشخصية للتغيرات الهرمونية التي تحدث لدى السيدات في هذه السنّ من امرأة لأخرى، لذلك يعدّ سنّ اليأس خبرة شخصية، فبعض السيدات لا يشعرن سوى بتغير بسيط في أجسامهن وحالتهن المزاجية، بينما تعدّ أخريات هذه التغيرات مقلقة ومثيرة للضيق، وهناك سيدات لا يشعرن بهذه الأعراض.
ومن أكثر أعراض هذه السنّ شيوعًا، الشعور بنوبات الحرّ، أي أن تصاب المرأة بإحساس مفاجئ بالحرارة الشديدة في الجزء العلوي من جسمها، وهو يظهر بشكل متقطع قبل الانقطاع النهائي للطَّمْث بعدة سنوات ويقل تدريجيًا مع تقدم العمر.

ويضيف د. الأعسر أن البعض يعبر عن الفترة التي تلي انقطاع الحيض لدى المرأة بأنها سنّ اليأس، لكن هذه الكلمة تسبب نوعًا من الإحباط للمرأة، وتُوهمها بأنها أصبحت مهملة لا فائدة منها، لكن الحقيقة هي أن انقطاع الحيض عملية حيوية عادية تؤكد للمرأة أنه قد آن لها أن تستريح من الحمل والإرضاع.
أما الحقيقة فهي أن سنّ اليأس هو سنّ الحكمة الذي أصقلته التجارب، وأكسبته رصانة التفكير وصواب الهدف.

الكاتب: ليلى بيومي

التعليقات على ماما. . بعد الخمسين (2)

رافت الاكحلThursday, October 11, 2012

كلام جميل كلام معقول مقدرشى ااقول حاجه عنه

قطر النداTuesday, October 9, 2012

عندما يبتهج اولادي وبناتي ويكونوا سعداء لشيء حققوه اشعر بفرح وشباب العشرين بالنسبةلي فانااري سعادتي في تحقيق امالهم وعندما تقدم الي ابنتي عريس طرت من الفرحه وعشت معها سعادتها ورايت نفسي فيها فسن الخمسين هذا لايجب ان يشكل اي ازمه نفسيه بالنسبه لصاحبه فهناك مازالت المشاعروالاحاسيس الفياضه دوما في القلب احيا بهامع اولادي وبناتي ومازال عندي عطاء فياض بحمد الله يمكن ان اغدقه علي كل من اعرفه وعندي من الوقت ما استطيع به ان استثمره في عمل مفيد لي ولغيري ولكني لاحظت انني عندما اردت ان اعمل في مجال عملي كمدرسه وتقدمت الي هذه الوظيفه استغرب الناس هذا ونظروا الي علي انني قد فاتتني قطار العمل كما يقولون لكبر سني فانا كرست وقتي في تربية اولادي الي ان حصلت احدي بناتي علي الليسانس والاخرين في الجامعه واريد ان اقول لمن ينظر هذه النظره هل بمجرد بلوغ السيده سن الخمسين تدفن او تهمل او لايكون لها وجودفي الحياه او لا يحق لها ان تعمل وتشغل وقتها مادامت هي قادره علي العطاءسؤال اوجهه للذين ينظرون هذه النظره المتهكمه فهل من اجابه

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
28526

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري