إن الفهم السليم والإلمام الشامل بالسوق ومتطلبات المستهلكين واحتياجاتهم حتما عوامل تسهم في نمو وتطور عملك بصورة سريعة.. لكن من الملاحظ أن أصحاب الأفكار والمشاريع الناشئة كثيرا ما يجدون صعوبة في تحديد السوق المستهدفة، فينظرون إلى مشروعهم بنظرة ضيقة لا تتعدى منتجهم أو خدمتهم وطريقة الوصول إلى مرحلة الانطلاق، وبذلك يضيع منتجهم وسط الكم الهائل من المنتجات والخدمات التي تضخ إلى السوق يوميا.

كخطوة أولى يجب معرفة إن كان هناك سوق لمنتجك من الأساس، وإن كان المستهلك فعلا بحاجة إليه ويسعى إلى شرائه واقتنائه.. وهناك عدد من العوامل أو النقاط التي على صاحب أي مشروع ناشئ أو فكرة يود تطويرها إلى مشروع ناشئ أن يجري عليها الدراسات، من دراسة جدوى ودراسة سوق ودراسة تحليلية وغيرها، بهدف تحديد السوق وشريحة المستهلكين الذين يرغب الوصول إليهم بمنتجاته وخدماته.

من سيسعى إلى شراء واقتناء منتجك؟

في البدايات حاول فهم المشكلة التي سيساعد منتجك أو خدمتك على توفير حلول لها والتغلب عليها.. أو بالأحرى ما هي استخدامات وخصائص منتجك أو خدمتك التي تساعد المستهلكين على تخطي معاناتهم أو مصدر إزعاج لهم.. بعد ذلك استخدم المعلومات والبيانات التي تمكنت من جمعها حول موضوع المشكلة لتحديد شريحة المستهلكين الذين يكونون على استعداد لدفع أموالهم مقابل الحصول على منتجك أو خدمتك. تجدر الإشارة هنا إلى أن وجود المشكلة ليس كافيا، بل يجب أن يكون المستهلك مدركا بوجودها في حياته حتى يسعى للحصول على ما يسهم في حلها. من الأدوات المساعدة في عصر التكنولوجيا الذي نعيش فيه الدخول في الإنترنت والبحث في جوجل أو محركات البحث الأخرى عن كلمات ذات علاقة بمنتجك أو خدمتك، لترى عدد الأفراد الذين يبحثون عن تلك الكلمات، مما سيعطيك نظرة واقعية لمدى احتياج الناس لمنتجك.

أطلق منتجك في مرحلة تجريبية

في بعض الأحيان قد يكون من المفيد طرح منتجك أو خدمتك في مرحلة تجريبية تساعدك على تحديد متى إمكانية وسرعة انتشار المنتج بين الناس، وتحديد شريحة المستهلكين الذين يرغبون في تجربته. من العوامل المساعدة في هذه المرحلة التجريبية عمل استبيان يوزع على المستهلكين حول آرائهم واقتراحاتهم بخصوص المنتج، يمكن إرفاق الاستبيان مع المنتج أو مقابلة المستهلكين المحتملين في أماكن توزيع المنتج والاستفسار منهم مباشرة.

هل تجاوزت توقعاتي الواقع؟

من السهل جدا الوقوع في براثن التفاؤل المبالغ فيه ووضع توقعات وتنبؤات خيالية لانتشار منتجك في السوق وبين الناس، وأن أرباحك وعائداتك ستزيد بسرعة الصاروخ.. لكن من الأفضل أن تجعل توقعاتك منطقية مبنية على وقائع ودراسات متخصصة. من السهل افتراض أن جميع الناس يحتاجون إلى منتجك وسيتهافتون عليه، لكن قد يكون الواقع مختلفا بعض الشيء. عوضا عن وضع التوقعات والافتراضات الوهمية، قد يفيد عمل مجموعات دراسة، بحيث تجمع عددا من المجموعات مكونة من أفراد ينتمون إلى شريحة المستهلكين المستهدفة، وتطرح خلال الجلسة فكرة المنتج أو الخدمات، ثم تستمع إليهم بعناية وهم يطرحون آراءهم واقتراحاتهم ونقاط الضعف التي يجدونها في المنتج، كل هذا يساعدك في صقل منتجك قبل الإطلاق الفعلي في السوق. أيضا مقابلة هذه المجموعات قد يفيد في انتشار خبر إطلاق منتجك بين معارف المشاركين في مجموعات الدراسة، وبالتالي سيترقب الناس في نوع من الإثارة ساعة الانطلاق للسعي إلى شرائها واقتنائها.

شبكات التواصل الاجتماعي

قد يكون طرح المنتج على مستهلكين محتملين وإقامة مجموعات الدراسة مكلفا بعض الشيء، لذا من العوامل المفيدة هنا طرح الفكرة بصورة غير مفصلة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر وغيرهما، والاطلاع وتحليل ودراسة ردود الأفراد ومدى انتشار الفكرة في هذه المواقع.. من المهم الإشارة إلى أنك باتخاذك هذه الخطوة ينبغي أن تكون على استعداد لتقبل آراء الناس والاستفادة منها كلها – بصرف النظر عن إيجابيتها أو سلبيتها – فهذه كلها تفيدك في صقل منتجك وجعله في أحسن صورة تضمن لك الانتشار والتوغل في السوق.

خطة بيع المنتج أو الخدمة

اسأل نفسك: كيف وأين سأبيع المنتج أو الخدمة؟ إن وضع خطة لاستراتيجية البيع أو التوزيع يسهم كثيرا في تحديد السوق المستهدفة.. هل سيكون لديك محل خاص بك أو تود الاستعانة بنقاط البيع، بالجملة والتجزئة، أم تود إطلاق المنتج أو الخدمة عن طريق الإنترنت وإعداد موقع إلكتروني؟ هل هدفك الانتشار والتوزيع محليا داخل بلدك فقط أم التوسع مستقبلا إلى خارج الحدود والدخول في الأسواق الإقليمية أو الدولية؟ إن تحديد الفئة العمرية وخصائص أخرى تميز شريحة المستهلكين المستهدفة تساعد على تحديد الطريقة المثلى للتوزيع والبيع، فلكل فئة عمرية أو شريحة طريقتها في اقتناء ما يلزمها من المنتجات والخدمات.. فئة الشباب يلجأون كثيرا إلى الاقتناء عن طريق المواقع الإلكترونية، بينما يفضل آخرون من الفئات العمرية الأكثر تقدما الذهاب إلى المحلات والمراكز التجارية لمشاهدة المنتج وقراءة بياناته ومكوناته قبل اتخاذ قرار الشراء.

استراتيجيات المنافسين

إن تقييم وتحليل استراتيجية التسويق التي يتبع منافسيك يفيد في تحديد شريحة المستهلكين الخاصة بمنتجك.. لكن احذر من تقليد خطتهم ونهجهم في تسويق منتجاتهم، بل ينبغي أن تضع خطتك الخاصة وأن تختلف عن خطة أكبر منافسيك حتى تخرج بنهج تسويقي فريد يجعلك أنت ومنتجك مختلفا عما هو موجود في السوق أصلا. أنت لا تريد أن يصبح منتجك مجرد سلعة أخرى على رفوف المحلات قد لا يلحظها المستهلك، بل تود التميز عن الموجود وأن تجعل المستهلك المستهدف يذهب مباشرة إلى منتجك غير ملتفت إلى غيره من المنتجات المحيطة.

أفضل طرق الوصول إلى المستهلكين

بعد تحديد شريحة المستهلكين المستهدفة من مشروعك الناشئ، عليك تحديد أفضل طريقة أو أسلوب لتسويق منتجك أو خدمتك للوصول إلى تلك الشريحة. عليك إجراء دراسة تسويقية ودراسة الأنماط الجغرافية والديموغرافية والشرائية للمستهلكين. إذا كنت ستفتح محلا لبيع المنتج أو مكتبا لتقديم الخدمة عليك معرفة عدد المستهلكين المستهدفين الذين يسكنون في المناطق المحيطة بالمحل أو المكتب، وإذاما اخترت أسلوب البيع عن طريق الإنترنت وموقع إلكتروني عليك الإلمام بسلوكيات المستهلكين في الشراء الإلكتروني وتحديد ما يبحثون عنه من خصائص ومميزات. إن معرفة وفهم كيفية الوصول إلى المستهلكين يساعدك على وضع الخطط الاستراتيجية التسويقية، كما يساعدك أيضا في تحديد إمكانية التوسع مستقبلا والوصول إلى عدد أكبر من المستهلكين أو الدخول في أسواق جديدة.

الكاتب: بواسطة : بادر المصدر: badir.com.sa