فارس الأحلام

قالت شمس النهار: حدثني يا فيلسوف.. فإنَّ قلبي للحديث شغوف.

فقال الفيلسوف: سلي ما بدا لك يا شمس النهار، إنَّ الله هو الواحد الغفَّار.


قالت شمس النهار:
ما زال حديثنا باقيًا عن روعة الحب والهيام، فحدثني الليلة عن فارس الأحلام؟!

فقال الفيلسوف: إنَّ فارس الأحلام لم يعدْ موجودًا، ولكن لا يزال هناك أخلاق الفرسان؟! كما أنَّ سندريلا لم تعدْ موجودةً، لكن هناك من الفتيات مَن هي في رقَّتها وجمالها وروعتها، وإنَّ فارس الأحلام لا يزال مَوْجودًا في ذِهن فتياتنا، ولكنْ ليس له تلك الصورة القديمة، ولكنَّه مَن يملك القُدرة الماديَّة والمعنويَّة يكون الفارس النبيل، والشهم الشجاع، إنَّه صاحب تلك الصورة الرائعة الجميلة، التي تتمنَّاها كلُّ فتاة، وتُداعِب مخيلتها؛ فتطرز لها أحلامًا، ويتولَّد لديها التفاؤُل والفرحة، والإقبال على الحياة بسعادة وبهجة.


قالت شمس النهار:
سمعنا كثيرًا عن حلم الفتيات بفارس الأحلام، ولكنَّنا لم نسمع قطُّ أنَّه قد أتى بالفعل! ومع ذلك فإنَّ الفتيات يُواصِلن الحلم به جيلاً بعد جيل، وينتظر الفتيات هذا الفارس النبيل.

فقال الفيلسوف: يُؤكِّد الكثيرون أنَّ مِثلَ هذه الأحلام الورديَّة قد اندَثرتْ، ولم تَعُدْ فَتاة اليوم تحلم بهذا الفارس، فأحلامها بشكلٍ عام لم تعدْ رومانسيَّة شاعريَّة تُحلِّق في سَماء المثل، بل أصبحت أحلامًا واقعيَّة مغموسة بطِين الأرض وماديَّتها؛ فالبعض يرى أنَّه ليس من المهمِّ أنْ يكون فتى الأحلام وسيمًا، بل المهم أنْ تكون ملابسه من ماركات عالميَّة، ولا يشترط أنْ يأتي على الحصان، ولكن في سيارة جميلة الألوان.


قالت شمس النهار:
لكنَّ الفتيات يبحثن دائمًا عن الأمان، ولم يَعُدْ هناك فارس الأحلام؟

فقال الفيلسوف: الأمان هو استمرار الحياة الزوجية دون هزَّات قويَّة، إنَّه يعني استقرارًا اجتماعيًّا وماديًّا.

ويعتقد البعضُ أنَّ فارس الأحلام لم يعد له وجودٌ؟! فشابُّ اليوم لا يقدر على تحمُّل مسؤوليَّة الحياة الزوجيَّة! والفتاة لا تريد زوجًا من هذا النوع، يطيرُ بها على حصانه ويُحلِّق فترةً من الوقت ثم يترُكها محلِّقة؛ ليطيرَ هو بعيدًا عنها ويترُكها فترتَطِم بشدَّة، وتقع على صَخرة الواقع والحقيقة.

وإنَّ الفتاة قد تُفضِّل الحياة مع رجلٍ عنده خِبرات في الحياة ومستقر، ولا يهم إذا كان يكبرها في العمر، أو إذا كان مُتزوجًا مِن أخرى ولدَيْه أولاد؟! فمثل هذا الرجل لديه خبرةٌ في الحياة، ويمتلك صبرًا وقوَّة تحمُّل ويُقدِّر الحياة الزوجيَّة وظروفها، ويعرف متطلَّبات المرأة والأولاد، كما أنَّ الاستِقرار المادي مهمٌّ في استِقرار الحياة الزوجية، المهمُّ دائمًا هو الاستِقرار والاستِمرار اللذان يُحقِّقان الأمان.


قالت شمس النهار:
وهل هناك حتى الآن فتياتٌ تحلم بفارس الأحلام؟

فقال الفيلسوف: بعض فتيات اليوم ما تزال تحلم بفارس الأحلام، ربما هو لم يعد فارسًا في ركوب الخيل كما كان، ولكنَّه فارس في مَيادين أخرى.

والفتاة اليوم تتعلَّم وتدرس وتعمل، وهي بالتأكيد تُفكِّر بطريقةٍ مختلفة عن ذي قبل، فلم يعدْ لديها وقتٌ للهيام والتفكير والتخيُّل، لكنَّ الحلم موجودٌ بشكلٍ آخَر، وما دام هناك زَواج وعَلاقة بين الفتاة والشاب، فهناك حلم، وغالبًا ما نجد أنَّ الطبيبة تحلم أنْ يكون زوجها طبيبًا مكملاً لها في اختِصاصها، والمهندسة تُفضِّل المهندس، فالمقصود من ذلك أنْ يكون هناك تكامُل وتقارُب في الأسرة، فالحلم بفتى الأحلام مرتبطٌ بالزواج وتكوين الأسرة، فالأمر له صلةٌ وثيقةٌ بالواقع، والحلم أسير الواقع لا يستطيع الإفلات منه.


قالت شمس النهار:
أسعدني حديثُك الليلةَ، وطمأن قلبي الملهوف، وسأنتظرك في الغد إذًا يا فيلسوف.

الكاتب: عبدالله عيسى

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
21547

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري