مقالات الوعىتنمية المرأةتنمية الطفلة المسلمة › تنمية ثقة الطفلة بنفسها

تنمية ثقة الطفلة بنفسها

نبذة مختصرة:


سؤال أجاب عنه فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد - حفظه الله - ونصه: « لقد كان تعامل والدتي معي سيئاً لدرجة أنني فقدت الثقة بنفسي وصرت مترددة ومهزوزة لا أحسن الأمور ولا أعرف أن اتخذ قراراً وقد تزوجت ورزقني الله ببنت وأريد أن أتجنب ما حصل لي حتى لا تتكرر هذه التجربة المؤلمة مع ابنتي، ماذا تنصحونني أن أفعل؟».


الطفلة في سن الثانية تبدأ في تكويناتجاهاتها نحو العالم من حولها، ويعتقد بعض علماء نفس النمو أن الإحساس بالثقة هوأول تلك الاتجاهات، وتتوقف شدة هذا الشعور في السنة الثانية على نوع العناية التيتلقاها الطفلة، وعلى موقف الوالدين من إرضاء حاجاتها الأساسية. .
وتتضح ملامحنمو الطفلة في هذه المرحلة في نزعتها إلى الاستقلال ، فهي في حاجة لحرية الكلام ،والمشي واللعب ، وكل ذلك مرتبط بالحاجة إلى تأكيد الذات التي لا تتحقق إلابالاستقلال الذي يتاح لها ،وهذا ما تؤكده نظرية النمو عن طريق النضج التي تدعوإلى احترام فردية الطفل ، وتركه ينمو بطبيعته . وتنشأ بعض الفتيات غير واثقات فيأنفسهن حيت لا تعتمد على أنفسهن في كثير ولا قليل ، وقلما تقوم بعمل ابتداء ،ودائماً تنظر من يقول لها : اعملي كذا وكذا ، فإذا ما واجهتها مشكلة توقفت فلاتستطيع اتخاذ قرار ، وقد تتهرب من المواجهة ، وقد تبكي ، وهذا جانب من جنايةالوالدين عليها ، ويكون بسبب أمور منها:

-
كثرة الأمر والنهي على كل صغيروكبير حتى ولو كان الأمر لا يستحق مما يفقد الطفلة الإبداع ، ويجعلها لا تثق بعملها، بل تنتظر دائماً من يصحح لها ، ويمنحها اليقين بأن عملها صواب .

-
انتقادها ولومها على كل عمل تعمله ، وتتبع عثراتها ، وتقريعها إذ قد تجتهد الطفلةفتخطيء فتجني اللوم والعتاب أكثر مما تستحق في حين كانت تنتظر الإشادة على اجتهادهامما يقضي على توجه الطفلة نحو العمل والمنافسة في الإنجاز والإجادة .

-
عدمإتاحة الفرصة للطفلة بالحديث أمام الآخرين مخافة أن تخطيء أو تتحدث وتخوض في أمورغير مرغوب فيها ، أو الإذن لها بالحديث ولكن يتم تلقينها ما تقول .

-
كثرةتحذيرها من الخطر ، الأمر الذي يجعلها تتوقع الشر دائماً ، وتتصور أن الخطر محيطبها من كل جانب .

-
إذلالها ومقارنتها بالآخرين بما يقلل من قيمتها .

-
التهكم والسخرية .

-
عدم الاهتمام بما توجهه من الأسئلة .

-
الرعاية الزائدة التي تظهر في الخوف الشديد على صحتها أو مستقبلها .

ويظهر على الطفلة التي فقدت ثقتها بنفسها عدة آثار سيئة ، منها :

-1-
أنها لا تستطيع أن تقوم بعمل استقلالاً ، وإذا طُلب منها أن تحضر شيئاً ووجدتهمختلفاً عما وصف لها توقفت ، وإذا واجهتها مشكلة لا تتخذ قراراً .
-2-
يصيبهاالتبلد ، وعدم الإبداع .
3-
- يصيبها التبرم والضيق من كل عمل يسند إليها ، لأنهاتتصور أن اللوم الحاصل لها على عملها ، إذ تتوقع أنها لن تنجزه وفق ما يراد .
4-
- يصيبها ضعف في الإرادة وخور في العزيمة ، واستكانة ومسكنة في غير موضعها وإهمالوسوء نظام .
5-
- يصيبها القلق والإحباط والنزعات العدوانية أو الميل إلى الإنطواء، والعزلة.

ولتجنيب الطفلة تلك الآثار السيئة كان على الوالدين إتباع عدة طرق
في تنمية ثقة الطفلة في نفسها ومنها على سبيل المثال لا الحصر
:

-
أن يُرسملها خطوطاً عامة ينبغي عليها إتباعها والسير على نطاقها ، فيخبراها بما أحل اللهلها فتأخذ به ، ويحذراها مما حرم الله عليها فتحذره ، ويجعلاها على دراية بالأخلاقالفاضلة ، والآداب السامية ، ويبثا في نفسها النفور من سيء الأخلاق والأعمالوالأقوال والتباعد عن سفاسف الأمور ، وتوافهها ثم يتركا لها حرية الإبداع بعد ذلك .

-
أن تسند إليها الأم بعض المهام التي في مقدورها القيام بها ، وإذا أخطأتشجعتها على مبادرتها ، ثم تخبرها كيف ينبغي أن تعمل ، وأحياناً تشجعها فقط علىعملها ، وتكمل عنها العمل بلطف دون أن توجهها توجيهاً مباشراً ، وإذا لم تكن المهمةفي مقدور الطفلة فإنها تستشيرها فيها ، وتطلب منها في بعض الأحيان إبداء رأيها فيبعض الأمور ، وبيان فسادها من صلاحها ، حتى تعلم الطفلة أن الجميع عرضة للخطأوالصواب فتتقوى عزيمتها .

-
أن يحرص الوالدان على تشجيعها أمام أقاربها ،وعند صديقاتها ، ويمنحاها من الجوائز ما يناسب إنجازها ، ويشيدا بما تقوم به من عملتعبُّدي كالمحافظة على الصلاة ، وحفظها للقرآن ، وتفوقها في دراستها ، وعلو أخلاقها ... وهكذا .

-
أن يجعلا لها كنية تميزها عن غيرها ، ويمنعاها من الألقابالمشينة ، وإذا أغضبتهما نادياها باسمها ، فتعرف أنها قصرت في حقهما – أو أحدهماأو أخطأت في حق غيرها فتتنبه .

-
تقوية إرادتها ، وذلك بتعويدها أمرين اثنين، وهما :

أ‌- حفظ الأسرار : فهي عندما تتعلم كتم الأسرار ولا تفضحها ، فإنإرادتها تنمو وتقوى ، ومن ثم تكبر ثقتها بنفسها .

ب‌- تعويدها الصيام : فهيعندما تصمد أمام الجوع والعطش في الصوم تشعر بنشوة الظفر والانتصار على النفس ،وبالتالي فإن إرادتها تقوى على مواجهة الحياة مما يزيد في ثقتها بنفسها .

-
تقوية ثقتها الاجتماعية بنفسها : وذلك عن طريق قضائها حاجيات المنزل ، وأوامرالوالدين ، ومجالستها للكبار ، واجتماعها مع الصغار .

-
تقوية ثقتها العلميةبنفسها : وذلك بتعليمها القرآن ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيرتهالعظيمة ، فتنشأ وقد حملت علماً غزيراً في صغرها فتنمو ثقتها العلمية بنفسها ،لأنها تحمل حقائق العلم بعيداً عن الخرافات والأساطير.

وفي مقابل ذلك كانعلى الوالدين كذلك أن يتخذا الأسباب الوقائية ، والوسائل العلاجية لتحرير الطفلة منظاهرة الشعور بالنقص ، ومن العوامل التي تسبب هذه الظاهرة : التحقير ، والإهانة ،والاستهزاء ، كمنادة الطفلة بكلمات نابية ، وعبارات قبيحة أمام الإخوة والأقارب ،وفي بعض الأحيان أمام صديقاتها ، أو أمام غرباء لم يسبق لها أن رأتهم واجتمعت بهم ،مما يجعلها تنظر إلى نفسها على أنها حقيرة مهينة ، مما يولد لديها العقد النفسيةالتي تدفعها إلى أن تنظر إلى الآخرين نظرة حقد ، وكراهية وأن تنطوي على نفسها فارةمن الحياة .

وإذا كانت الكلمات النابية التي تنزلق من الوالدين للطفلة لمتصدر إلا عن غاية تأديبية إصلاحية لذنب كبير ، أو صغير وقعت فيه وبدر منها ، إلا أنالمعالجة لارتكاب هذا الذنب لا تصلح بهذه الوسيلة التي تترك آثاراً خطيرة في نفسيةالطفلة وسلوكها الشخصي ، وتجعل منها إنسانة متطبعة على لغة السب والشتائم وتحطمهانفسياً وخلقياً .

وخير علاج لهذه الظاهرة هو : تنبيه الطفلة إلى خطئها إذاأخطأت برفق ولين مع تبيان الحجج التي تقنع بها لاجتناب الخطأ ، وألا يزجرهاالوالدان ، أو يوبخاها أمام الحاضرين ، وأن يسلكا معها في بادئ الأمر الأسلوب الحسنفي إصلاحها ، وتقويمها إقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم في الإصلاح والتربية ،وتقويم الاعوجاج ، فعالم الأطفال دقيق الحس ، سريع التأثر شديد الانفعال ، قليلالإدراك ، ضئيل الحيلة ، وبناء الثقة بالنفس لدى الطفلة يعتبر الركيزة الأولى فيبناء شخصيتها في جميع أطوار حياتها .

إفتاء : محمد صالح المنجد

الناشر : موقع الإسلام سؤال وجواب http://www.islamqa.com

الكاتب: إفتاء : محمد صالح المنجد

التعليقات على تنمية ثقة الطفلة بنفسها

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
40091

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري