أنواع الحب - 1

1)الإعجاب والعشق: هل أحب روميو جولييت حقاً؟

حب الإعجاب والعشق هو أن تحب ما يجذب انتباهك ويشدك إليه، أن تحب ما ترى وتلمس أنه يستحق الحب وأن تنجذب إلى ما تجده جميلاً وتقدره تقديراً تلقائياً.
أطلق عليه قدماء اليونان اسم الأيروس  Eros.
إن حب الإعجاب هو ما يشد الرجل إلى المرأة الجميلة وهو نفسه ما يشد الإنسان إلى العمل الفني المتقن أو اللوحة الأخّاذة وقد يندرج تحته حتى إعجابنا بزهرة جميلة أو بالأداء المتقن للاعب رياضي بارع أو بالعمل الأدبي الراقي.
إن الشعراء و العشاق يصفون هذا الحب على أنه لا إرادي أكثر من كونه موقفاً إرادياً واعياً حراً. فالفتى "لا يحب" بقدر ما "يقع في الحب" كما لو كان هذا أمراً قاهراً مع كونه لذيذاً مستحباً. وما يملأ الفنانون آذاننا كلاماً عنه غالباً ما يكون هذا النوع من الحب، قد يبرعون في وصفه ويخلصون في تصويره فيعطونه صورة تستحق الاحترام أو يبتذل فيصير أقرب إلى الهزل أو أحياناً ينحدرون في تناوله إلى مخاطبة الغرائز مخاطبة مباشرة وفجة.
والهوى وثيق الصلة بهذا النوع من الحب ، إلا أن الهوى أكثر عمى وأبعد عن الحب الحقيقي فتعريفه الدقيق هو الحيد عن العقل.
وكثيراً ما يرى أسير الهوى في المحبوب صفات ليست فيه وأن يُسقط على صورة محبوبه كل ما يحلم به من صفات رقيقة، فيرى الفتى فتاته أجمل الفتيات على الإطلاق وأرقهم وألطفهم وأوسعهم ثقافة وأرهفهم حساً، ويقيم علاقة مع تلك "الصورة" التي رسمها في خياله للفتاة بدلاً من أن يعرف الفتاة فعلاً على حقيقتها. لذا فأسير الهوى قد يلمح فتاة مرة واحدة فيحبها حباً ملتهباًً (الحب من أول نظرة) ولكن كيف أحب من لا يعرف؟
يمكنني القول أنه لم يحبها بل " استعملها " ليغذي خياله بها وأحب خياله. ومتى اقترب منها فعلاً أبغضها أو صارت مملة بالنسبة له لأنها أزعجت خياله وأفسدت الصورة التي رسمها لها.
الهوى غالباً ينهار بعد الزواج ويكون سقوطه مروعاً.ً
والأيروس هو حب ناقص لأنه يسعى ويعجب ويلتصق بالكمال والإتقان والجمال.
ونحن البشر وإن كنا أجمل الفتيات وأكمل الفتيان مملؤون بالنقص.
الحب هو التزام بالآخر، التزام وقت اتقاد المشاعر ووقت فتورها.  وفتورها محتوم حتى تتقد مرة ثانية.
ولذلك نسمع عن تعاسة الحياة الزوجية التي كان طرفاها قبل الزواج حبيبين متيمين وعاشقين أمثلين، ذلك لأن الاقتراب الحقيقي يظهر العيوب فلا يستطيع الأيروس المسكين أن يتحملها وحده وإذ ينكشف الواقع كما هو ينهار الهوى ويتبدد كما تبدد شمس الظهر ضباب الصبح المبكر.
إن حب الإعجاب والعشق في الواقع لا يستحق أن يسمى حباً إلا بأكثر معاني الكلمة بدائية وفجاجة.
فالأيروس يقول أحبك لأنك تشبعني وتعطيني لذة أكثر مما يقول أحبك لأنك أنت. لأنك تستحق الحب في ذاتك.
الأيروس يقول أريد منك أكثر مما يقول أنوي أن أعطيك. أنه يطالب محبوبه بأن يكون كاملاً جميلاً مشبعاً دائماً وإلا يلفظه ويتخلى عنه (أخذني لحماً ورماني عظماً).
وحتى إذا نسى الأيروس نفسه في محبوبه، فإنما يفعل ذلك كما ينسى السكير نفسه في زجاجة خمره، ينسى نفسه في لذة هي جزء ضئيل من نفسه، إن حب الإعجاب ضيق الأفق وقصير النفس في أرض الواقع حتى وإن امتاز أحياناً بالحماس والتدفق واللمعان.
فهل أحب روميو جولييت؟  
نعلم أن هذا البطل الشكسبيري يحب فتاته ويعجب بها ويتحدى كل الصعاب في سبيلها وكذلك تفعل هي حتى يموت  في سبيل حبه ثم تنتحر هي وراءه ولكن السؤال هو هل أحب روميو حبيبته كما يحب السكير زجاجة الخمر؟ أحياناً حتى نرى السكير مستعداً أن يموت في صراعه من أجل رشفة خمر.
هل يحق لنا أن نردد مع الخبثاء حب روميو وجولييت لم ينته بموتهما لكنه كان سينتهي حتماً إن كانا تزوجا.
السؤال: هل أحب روميو جولييت ؟ ينبغي أن يظل بلا إجابة طالما لم نعرف هل تجاوز حب روميو وجولييت مجرد الأيروس إلى حب أعمق أم لا ؟

 من كتاب "حجاب الحب"
للدكتور إيهاب الخراط
المصدر: arabicrecovery.com

الكاتب: دكتور إيهاب الخراط - من كتابه حجاب الحب

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
79914

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري