مقالات الوعىتنمية المرأةتنمية سيدة الأعمال › فوزيـة سلامـة : كنت خجولة جداً. وأصبحت نائبة رئيس تحرير خلال 5 سنوات

فوزيـة سلامـة : كنت خجولة جداً. وأصبحت نائبة رئيس تحرير خلال 5 سنوات

فوزية سلامة تحكي لـ «النهار» رحلتها مع الصحافة والتلفزيون خلال أربعين عاماً فتقول: كنت خجولة جداً.. وأصبحت نائبة رئيس تحرير خلال 5 سنوات. الخجل ظل يلازمها منذ صغرها حتى الآن رغم أنها تعمل في المجال الصحافي والاعلامي، ولاتحب أن تواجه الجمهور، ودخلت مجال الصحافة بالصدفة عندما طلب منها صديق مساعدته في كتابة طلب بالانكليزية لاصدار صحيفة عربية في لندن، ثم رأست تحرير مجلة «سيدتي» وصارت تقدم برامج تلفزيونية.
ترفض الاعلامية الشهيرة فوزية سلامة في حوارها مع «النهار» - التمويل الأجنبي لوسائل الاعلام العربية، وتنصح الاعلامي بأن يعرف دائرة اهتمامه ويركز عليها ويثري نفسه ثقافياً، والأهم أن الصحافة مهنة حب فإن لم تكن تحب ما تفعله لا يمكن أن تنجح.
وتقول فوزية سلامة ان المرأة السعودية «نسر» يستعد للطيران ومن عملي معهن لمست فئات عالية جداً وذكاء عالياً وجدية في الرغبة في كسب المعرفة، غير أنها ترى أن المرأة العربية لم تأخذ حقها إلى الآن رغم ما يبدو في الظاهر، الصداقة ممكنة لكنك لا يمكن أن تعزل الفتاة والأم عن المجتمع من حولهما، وتؤكد أن الفتاة في المجتمع العربي دائماً منسوبة لأمها، لذلك السيدات لديهن رعب من الاتهام الدائم الموجه لهن بعدم النجاح في تربية البنت.
العالم العربي حاليا من وجهة نظرها في دورات هبوط حاد، والإنسان المصري يشعر بالدونية في كل شيء والأزمة الاقتصادية تطبق عليه.

أصبحت بعد رحلة كفاح ومشوار طويل من الإعلاميات الشهيرات.. حدثينا عن هذا المشوار.. نبدأ من التعليم والنشأة؟

كنت طالبة في مدرسة قاسم أمين الثانوية للبنات في القسم العلمي، وكان والدي يشجع هذا الاتجاه من الدراسة للبنات، لأنه كان مفتشاً في التعليم الثانوي وكنت الرابعة في الترتيب بين خمسة إخوة، وكنت أقرب الأبناء إليه.

والدي كان صاحب ميول أدبية، كما كان أخي الأكبر أيضاً يرحمه الله رغم أنه كان أستاذاً في كلية العلوم، كما كان لي أخت طبيبة يرحمها الله أما أخي الموجود الآن، فهو اختصاصي طب عيون، جميعهم كان لديهم ميول علمية إلا أنا، فقد كنت أجلس مع والدي وهو يقرأ للنقاد والأدباء والشعراء القدامى، كان يفتح أمامه أحد المعاجم بالساعات ليبحث عن معنى كلمة أو يستوضح جملة، ومع ذلك لم يتعاطف أبداً مع رغبتي في ترك القسم العلمي إلى الأدبي، وغضب غضباً شديداً ولكنني لدي تمرد قليلاً وكان هذا ذنب لا يغتفر فقد كنت متميزة في اللغات وكنت أحصل على الدرجات النهائية.

هل تنبأ أحد أساتذتك إنك ستكونين إعلامية مشهورة؟

أنا كنت طفلة خجولة جداً وعندما التحقت بكلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية وفي إحدى المحاضرات سأل أحد الأساتذة عن اسم فوزية سلامة لأن بحثي لفت نظره وسألني لماذا لم أسمع صوتك، فلم يكن يعلم أنني خجولة لدرجة أن صوتي لا يُسمع، وكانت تلك عقدة عندي وتلازمني حتى الآن، فأنا لا أحب أن أواجه الجمهور رغم أنني أعمل في مجال الإعلام لكن الكاميرا حاجز بيني وبين الجمهور ولا أحب أن أقف على منصة وما زلت ارتجف من داخلي أثناء الحديث أمام جموع البشر، هذا كان تعليمي الثانوي وبعدها دخلت كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية استثناء لأنني حصلت على الدرجة النهائية في اللغة الإنكليزية على مستوى القاهرة.

كان في الماضي الوزير يوافق على استثناءات، أما الآن فالأيادي مرتعشة.

نعم.. أنا سبقت مكتب التنسيق، وعندما التحقت بكلية الآداب بعد أن كنت طالبة عادية أصبحت طالبة استثنائية لأنني كنت متفوقة وكان هذا لا يسعد أبي كثيراً ويقول «كمان دخلتِ الآداب ولن تتفوقي؟» وكان هذا ما يكسر نفسي ويؤلمني ويشعرني بالقهر.

وبعد التخرج تم ترشيحي لبعثة للخارج وواجهت رفضاً من العائلة كلها إلا والدي فقد كان يعرف تربيتي جيداً وظل إلى أن توفى يقول لي الدكتوراه ثم الدكتوراه ثم الدكتوراه وذهبت إلى «دبرن» في ايرلندا وكان لابد أن تؤدي سنة دراسية لكي تكون مؤهلاً للدراسات العليا وأديتها بنجاح وتقدمت للماجستير وانتهيت منه ثم سجلت الدكتوراه ثم تعثرت الدراسة لأنني بدأت أخشى من موضوع العمل الأكاديمي المتصل، وجدت أن هذا ليس ما أريده، لا أريد أن أدرس ولا أريد الاستمرار في العمل الأكاديمي وهذا ليس قليلاً من شأن العمل الجامعي، فأصبحت في حيرة لفترة وتحملت ثم التقيت زوجي الأول والد ابنتي وهو مهندس مصري وبالصدفة البحتة أيام الحرب الأهلية في لبنان انتقلت بعض دور النشر العربية من لبنان وغيرها إلى لندن وطلب مني صديق لي لم يكن يعرف الإنكليزية جيداً مساعدته في كتابة طلب لأن هناك جريدة عربية ستصدر في لندن وساعدته واقترح عليّ أن أقدم أوراقي للعمل في الجريدة وقتها، ولم يكن هذا في تفكيري أبداً وقدمت وقبلوني بعد ثلاثة أيام وبدأت أدخل في الصحافة لأنني أصلاً مترجمة أخبار لجريدة «العرب» التي تصدر إلى الآن، وحدث أن رئيس التحرير وقتها حسن فؤاد الصحافي في «صباح الخير» قال لي لا يجب أن تكوني مترجمة أخبار وهما من اكتشفاني وقالا لي لقد خلقت لتكوني كاتبة، وكان حسن فؤاد علمني كيف أكتب ويقول لي هذا خطأ ويجب أن يكون هكذا وينقل لي خبرته ومما علمني ألا أكتب الحكاية كلها في العناوين لكي يكون عند القارئ شهية لمعرفة باقي التفاصيل وانطلقت بعدها بعد أن علمني وأفادني كثيراً.

نقف عند هذه الكلمة «علمني» هل يوجد «روح علمني» هذه الآن؟

لا.. هناك تناحر وتنافس ورئيس يقهر المرؤوس، أستاذي أعطاني فرصة وأنا مجرد محررة مبتدئة وحببني في عالم الصحافة كما جعلني أكتب عموداً يومياً وكان هذا العمود هو مدخلي لأنه بعد أربع سنوات من العمل في هذه الجريدة بدأت مؤسسة «الشرق الأوسط» واتصل بي (الأستاذ عرفان نظام الدين) كان «رئيس تحرير الشرق الأوسط» وطلب مني التعرف عليّ لأنهم على وشك إصدار مجلة نسائية ورئيسة تحريرها د. فاتنة أمين شاكر، وقال لها رغبة في التعرف عليكِ والعمل معنا، وذهبت لمقابلتها.

المرأة السعودية

سنقفز إلى منطقة أخرى ثم نعود إلى د. فاتنة، جرت تغيرات في المملكة العربية السعودية منذ أيام وأصبح هناك أول نائبة لوزير.. حدثينا عن هذه التغيرات ورأيك فيها؟

منذ 20 عاماً وأنا أقول إن المرأة السعودية «نسر» يستعد للطيران ومن عملي معهن لمست فئات عالية جداً وذكاء عالياً وجدية في الرغبة في كسب المعرفة، والمرأة السعودية ذكية جداً وتخطو خطوات هادئة لمعرفتها بمدى الصدام التي يمكن أن تواجهه مع المجتمع. فهناك سيدات لديهن روح المبادرة وهناك شركات تديرها نساء ناجحات جداً وشركات ذات طبيعة اقتصادية، فالنساء السعوديات يملكن 46 في المئة من ثروة البلد، فلديهن ثروة كبيرة تريد أن توظف وسيتم هذا.

نائبة

نعود إلى د. فاتنة التي بدأت العمل وهي رئيسة تجرير مجلة «سيدتي»؟

وهذه السيدة حدث بيننا كيمياء سريعة جداً، لقد كانت سيدة شيك جداً وجذابة جداً وليس لديها «عقد» السيدات والغيرة وتعاملنا معاً شهوراً ثم طلبت مني أن أكون نائبة رئيسة التحرير رغم أنه كان عمري في الصحافة خمس سنوات فقط، وهي أساساً أستاذة جامعية، ورغم أنني هجرت العمل الأكاديمي لأنني لا أرغب فيه لكنها هي عندها حب شديد لهذا العمل الأكاديمي وتمارس أمومتها من خلال تعليم البنات وهي التي بدأت باب المشكلات والرد عليها، لأنها دارسة لعلم الاجتماع لكنها بعد أن استقالت من رئاسة التحرير توقفت عن هذا الباب.

أعرف أنك بدأت تحرير هذا الباب بعدها؟

نعم طلبوا مني أن أتولى تحرير هذا الباب، رغم أنني مصرية وتعليمي إنكليزي ويُطلب مني حل مشاكل البنات السعوديات وهذه مسؤولية كبيرة، لذلك قدمت نفسي للقراء على أنني فلانة زوجة فلان وأم فلانة وسأحاول المساعدة لكنني لا أعد بأنني أستطيع، والحمد لله ما زال الباب موجوداً إلى الآن منذ 27 سنة والحمد لله ناجح ويثق فيّ الناس وتصل لي رسائل من سيدات يقلن إنهن راسلوني وهن في سن المراهقة والآن يراسلونني لأن بناتهن في السن نفسه ويردن المساعدة.

وماذا عن باقي الزملاء وقتها مثل عماد الدين أديب؟

كان مدير مكتب «سيدتي» في القاهرة والتقينا أول مرة في مكتب د. فاتنة، وتعرفنا وكان في أميركا من قبل وكانت له علاقة طيبة مع الناشرين (هشام ومحمد علي حافظ) فهو كان ولايزال له لمعة صحافية وأفكار مستقبلية وكان عمره وقتها 28 سنة وكان شديد الجاذبية، وعندما استقالت د. فاتنة أخذ عماد الدين مكانها واستمريت أنا كنائب رئيس تحرير وطلب مني أن استمر كما أنا ومر عام واحد وفوجئت بالأستاذ هشام حافظ «أحد أصحاب المجلة» يطلب مني رئاسة تحرير سيدتي فأصبت بالرعب وأحسست أنني لست على قدر المسؤولية وتناقشت مع زوجي (وقتها) لكنه قال لي إن الموقع سيعطي لك القوة أن تعملي وسيستمع لك الناس أكثر ويكون لك فرصة أكبر للتعبير عن أفكارك وكان هذا سنة 1983 وانطلقنا.

وماذا تقولين عن هالة سرحان؟

إنسانة موهوبة وشديدة الطموح لكنه من النوع المدمر لصاحبه.

بعد فترة من وجودك ظهرت بصمتك على صفحات المجلة.. ما الجديد الذي استحدثتيه في مجلة تهتم بالمرأة؟

من أول لحظة كان لدي قناعة بأنه عندما تريد إصدار مجلة نسائية ناجحة يحس أن المرأة التي تقرأها تعيش في الدنيا أي أن المجلة النسائية لها «فورمة» معينة و«نموذج واحد» وتطرح المشاكل من حولها وتكون على دراية بكل الشؤون والأحوال.

هل تتذكرين ما كان يعكر جو العمل في البداية؟

كانت من ضمن المصادمات بيني وبين أصحاب العمل أنه عندما اغتيلت إنديرا غاندي أوقفت العدد لإصدار صفحة عنها وفوجئت بالناشر غاضب مني فقلت له: إنها قيمة كبيرة قال: المهم العدد يتم طبعه في موعده، هنا أدركت أن أصحاب المال لهم حسابات والصحافة لها حسابات أخرى، فأنا دائماً على مبدأ أن يعمل الإنسان لنفسه «باكدج» جميل ومهم لكن ما يوجد في داخله هو الأهم واجعله يجذب الناس وعيونهم لتجعلهم يشترون المجلة، فأنت لا تستطيع أن تلغي توقعات الناس فأنا لست من مشجعي الشعارات واهتم بأن يكون ما في داخل المجلة يفيد الناس وليس شيئاً فجاً.

صداقة الأم

لك رأي في الصداقة بين البنت وأمها، هل مازالت هذه الصداقة موجودة الآن؟

الصداقة ممكنة لكنك لا يمكن أن تعزل الفتاة والأم عن المجتمع من حولهما، فالفتاة في المجتمع العربي دائماً منسوبة لأمها، لذلك فالسيدات هناك لديهن رعب من الاتهام الدائم الموجه لهن بعدم النجاح في تربية البنت لذلك يظل هناك نوع من التسلط على الفتاة وهذا خطأ «فلو أن صديق ابنتي طلبها في التلفون وأنا رديت عليه وقفل السكة أقول لها قولي له ماما مش هتعضك» ثم بعد ذلك أسألها ماذا كان يريد ولو أن ابنتي أرادت إرسال بطاقة دعوة لزميل لها في مناسبة وسألتني أذكرها أن هذه الدعوة وثيقة وإذا انتهت زمالتكم لأي ظرف من الظروف ستكون مستنداً عليك، أما عندما تريد ابنتي الخروج مع زميل لها للتسوق أرفض وأقول لها «لأن الناس مش عارفة أن ده زميلك وسيقولون إنه خطيبك» فأطلب منها أن تحضره للمنزل في وجودي وهكذا.

هل تتحدثين كمصرية تعيش في لندن أم في القاهرة؟

نعم.. هذه الأحداث تمت ونحن في لندن فابنتي ولدت ونشأت في لندن ولا يمكن أن أفرض عليها القيود التي تفرض على البنات.

هل هي لا تقارن بين ما تراه وبين ما يوجه إليها؟

حدث موقف مع والدها عندما جاءت يوماً تبكي وتقول لماذا سُميت «عبلة» كان لابد أن يكون اسمي «لانا» أو «كارولين»، فقال لها والدها: ممكن نسميك هكذا لكن في هذه الحالة لن يكون أبوك كمال وسيكون والدك مستر دالاس مثلاً «الساكن بجوارنا» فقالت له: لا، فالتربية ليست بالأمر السهل.

لك خبرة طويلة في الرد على المشكلات والخلافات الزوجية.. كيف يقيمن حالات الطلاق العالية في الدول العربية.. الآن؟

للأسف مشاكل الزواج والعلاقة بين الرجل والمرأة في المؤسسة الزوجية سببها المادة، لكن بشكل متضاد، أي أن مشاكل الخليجيات سببها الوفرة ومشاكل المصريات والمغربيات سببها أن المادة غلبت على اختيار الزوج المناسب، فالوفرة في الخليج حرمتها من دورها الطبيعي أن تعمل في المنزل فلديها فراغ نفسي كبير وهذا الفراغ كيف يملأ فلا يوجد لديها إلا خيالها، فالمرأة لديها فكرة أن الرجل مخلوق من كوكب آخر لكنها عندما تصطدم بالواقع الذي لديه عقد نفسية وأفكار مسبقة ومخزون وراثي فإن المسألة تتعقد وتطلَّق وتواجه مجتمعاً لديها أطفال وتصطدم بالظلم منه وهي في سن 22 سنة مثلاً، وتجد من يتزوجها يكبرها بعشرين أو ثلاثين عاماً ولديه أطفال فتعيش كل حياتها في حالة إحباط نفسي وهذا أمر سيئ على البنات الخليجيات.

ضحايا الانفتاح

وماذا عن المجتمع المصري؟

المجتمع المصري.. نحن ضحايا الانفتاح الذي أتى بأفكار أن السعادة في الوفرة المادية، فالفتاة كي تحقق السعادة لابد أن يكون عندها شقة كبيرة وسيارة آخر موديل.. وهكذا، وعندما يتحقق هذا تجد أنها ما زالت غير سعيدة فتبدأ باللوم على مؤسسة الزواج وترغب في الخروج منها، وهذا لا يحدث لأن السعادة حالة رضا وتكيف وقناعة، فأنا أشبه الحياة بأنها قطعة قماش، هناك من لديه قماشة قطن ومن لديه الحرير لكن العبرة بالشخص الذي يفصلها هل سوف تكون مضبوطة وماذا سوف تفصلها.

من أعجبك في الحكي من الأدباء؟

إحسان عبد القدوس تقابلت معه وكان لديه كرسي «خلف خلاف» وقال لي: إنه يسميه love set وكنت مبهورة جداً فهو أثر على جيل كامل وأنا منهم ولطيفة الزيات أثرت فيَّ جداً وكانت علامة فارقة في حياتي وكذلك نجيب محفوظ قلت له ذات مرة: إن إحساسي بالمأساة أنني ولدت أنثى وتجسد هذا الإحساس عندما قرأت «بداية ونهاية» قال لي: ليه فأنت كويسة فهناك دائماً تطور في العلاقة بين الرجل والمرأة والمرأة تتطور جيداً.

ما رأيك في الوفرة العددية في الجرائد والمجلات في مصر.. والوطن العربي؟

هذا ليس سيئاً.. لكن يا ريت الناس تقرأ.. فالتلفزيون مثلاً دخل مصر سنة 1960، أما قبل ذلك فالوسيلة الوحيدة لملء الفراغ كانت القراءة، وما ألاحظه في الجرائد هو التخلي عن اللغة العربية الجميلة، فأصبح هناك أسلوب لتحرير الموضوعات «فهلوي»، عبارات فيها السوقية وهذا ليس جيداً.

مؤلفات

لك العديد من المؤلفات الناجحة.. هل تذكرين أول كتاب لك؟

أول كتاب كان «مشاكل البنات» نشرته الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، فقد اندهشت عندما عرفت أن المقارنة بين توزيع الكتب تتم من خلال كتابي، فلقد كنت أسمع أن الكتاب الفلاني تم توزيعه أقل أو أكثر من كتاب «فوزية سلامة»، لأن طبيعة المادة التي كانت منشورة كانت جذابة، ولقد أصدرت أول مجموعة للقصة القصيرة لأنني درست النقد الأدبي للقصة القصيرة وأخرجت فيه كل المخزون الذي امتلكه من طفولتي ونشأتي في مصر ونشرت المجموعة ولم يكن لي دراية كافية بموضوع النشر، وتم نشرها في سيدتي ثم نشرت مجموعة اسمها «شارع وهدان» كانت ذكريات مصرية أيضاً، فزوجي الأول كان إسكندرانيا فكنت أذهب للإسكندرية كثيراً فكتبت مجموعة قصص عنها وهي من أحب الأعمال لدي، لأن فيها حنيناً، وبدأت أفكر في كتابة رواية بها مشاكل البنت المصرية وكان مهماً بالنسبة لي أن أوثق الفترة التي غبت فيها في بدايات الثورة إحساسي عال جداً بالعزة والكرامة وعندما ذهبت إلى إنكلترا كانت فكرتي أن أدافع عن عبد الناصر وأكتب خطابات للصحف وجاءت حرب 67 ابنتي كانت بعدها في فترة المراهقة وكانت في امتحانات O. Level وكانت تذاكر في حجرتها وأنا أكتب في حجرتي فكان يهمني أن أكتب ذكرياتي في مجتمع الطبقة الوسطى وكنا ساكنين في شبرا، ووالدي كان في التعليم وعمري ما أحسست أنني أقل من أحد وعمري ما كان عندي تطلعات.

والآن...؟

للأسف الشديد الإنسان المصري يشعر بالدونية في كل شيء.

وعي المرأة

بالنسبة للحس السياسي.. هل أصبحت المرأة العربية لديها وعي سياسي الآن نتيجة للتطور ومرور السنوات، أم لأن الأنظمة السياسية بدأت تعطي المرأة حقها؟

المرأة لم تأخذ حقها إلى الآن رغم ما يبدو في الظاهر، لأن المرأة مطالبة بأن تكون Super Woman فأنا كسيدة متقدمة في العمر أقول لأي فتاة ترغب في الزواج «صاحب بالين كداب وصاحب ثلاثة منافق»، ولو كنت تريدين أن تكوني أماً لا يمكن أن تعطي طفلك لأمك أو لمربية فلو أردت هذا مارسيه بحب إلى وقت معين ثم استأنفي الحياة، وأنا لا أقول هذا اليوم لأنني نجحت، وأنا لست مطالبة بأن أحكي عن المعاناة التي عانيتها، فاليوم أستطيع أن أعطي خبرة هذه السنين ومشوار العمر ورحلة التجارب.

بالطبع.. مرت بك محطات فارقة طوال مشوارك.. هل يمكن أن تتحدثي عن المعاناة في حياتك؟

عندما أنجبت كان لابد أن أضع طفلتي عند مربية لأن حالتنا الاقتصادية وقتها لم تكن تسمح بألا أعمل وهذا لا يمكن أن يقوم به أحد ومن رأيي أن نأكل «عيش وجبن» لكي يكون ابني في يدي لذلك فأنا اليوم بيني وبين ابنتى مصالحة كبيرة وعندما أسمع لحكايات المربيات معها أشعر بقشعريرة وكانت أيامها ترفض ذكرها لي لخوفها أن أغضب فكيف ترفع هذه «الندوب» السوداء من وجدان فتاة إلا أن أقول لها «أنا آسفة».

قالت عبارة «كنت خايفة أزعلك».. هل عندما يكون هناك مشكلة نقولها مباشرة في وقتها، أم يتمهل الإنسان سواء داخل محيط الأسرة أو في العمل؟

أنا رأيي أن الشخص لا يقوم بأي عمل وهو منفعل، ثانياً لابد أن يكون لديك يقين 100 في المئة وليس 90 في المئة وأن رزقك على الله وأنه لابد أن تأخذ موقفاً سليماً غير مدفوع بانفعال أو رغبة في إيذاء الآخر أو غيره إنما تفعل الصح وما يمليه عليك ضميرك.

يتردد أن هناك بعض رؤساء التحرير دون المستوى.. بماذا تردين؟

أنا عاصرت عرفان نظام الدين كان الجلوس معه مكسباً كان عندما يتكلم كلاماً اجتماعياً كان يثريك وكان إنساناً متواضعاً ولم يكن لديه التعالي «الفظيع» الذي نراه اليوم، وأحمد عباس صالح كان مكتبه في «الشرق الأوسط» قريباً من مكتبي كان يجلس معي ونتناقش في قراءاتنا وكان رئيس تحرير وأنا في البداية، هؤلاء الناس وغيرهم كانوا قيمة عالية جداً وعندما تنتهي لا تنبت غيرها، فرئيس التحرير اليوم يعتقد أنه الحاكم بأمر الله.. لماذا.. فهي مجرد وظيفة.

مثل من؟

محمود عطا الله مدير التحرير «الجنتل مان» الذي لن يتكرر، عماد الدين أديب من رؤساء التحرير الذين لم يغلقوا أبوابهم في وجه أحد وطول عمره يساعد الزملاء، فهو شخصية طيبة جداً ومهنية جداً.

وماذا عن برنامج «كلام نواعم».. هل ما زال يشاهد بنسبة عالية؟

أنا مازلت في حالة دهشة من برنامج «كلام نواعم» لأن هناك خريطة للبرامج على الفضائيات كبيرة جداً فإذا كان المشاهد ليس له ولاء للبرنامج لن يشاهده أحد، ولذلك لاحظت المتابعة المستمرة له على مدار 7 سنوات، والبرنامج أوجد نوعاً من الديناميكية الفكرية لوجود أربع سيدات من أعمار مختلفة وثقافات وخلفيات مختلفة وهذا أعطى نوعاً من التميز، فأحياناً نتشاجر أنا ورانيا بعد البرنامج لوجود اختلاف بيننا وهذا يعطي نوعاً من الحيوية، فالمتلقي يريد من كل بستان زهرة والمشاهدات مختلفة جداً وكثيرة.

نشاهد في البرامج الفضائية بعض المفردات والعبارات الخارجة عن حدود اللياقة.. بماذا تقولين؟

نحن ضيوف في بيوت المشاهدين وأنا لا أحب الابتذال في الألفاظ أو الملابس والعُرى فيه إهانة للمرأة، فأنتِ قدوة على الشاشة، وكيف يستمع لي المشاهد وأنا أتحدث في موضوع ما وهو يرى ما أبديه من مفاتني فلن يستمع لما أقول ونظره فقط هو ما سيتمكن منه.

نصيحة

ماذا تقولين للإعلاميات الجدد؟

أول نصيحة ألا يكون الشخص «بتاع كله» فلابد أن يعرف دائرة اهتمامه أين ويركز عليها ويثري نفسه ثقافياً فيها، والأهم من كل هذا أن الصحافة مهنة حب إن لم تكن تحب ما تفعله لا يمكن أن تنجح، فأنا حينما أجلس على الكمبيوتر أكون في حالة سعادة كأنني أحب لأول مرة وعلى الإنسان أن يجعل عمله هو هوايته وإذا تحول العمل إلى واجب عليك فهذه بداية النهاية.

وأقول للبنات ان الصحافي لابد أن يجلس أمام مصدره متأكداً من مادته وأنه لا يهرج في عمله ليعطي عن نفسه صورة جادة ويحترم مصدره وذكاءه.

دورات هبوط

وماذا تقولين عن المشهد العربي حالياً؟

طبيعة التاريخ طبيعة دائرية، دورات صعود، ودورات هبوط، ونحن الآن في دورات هبوط حاد، في رأيي أن مصر بالتحديد لو أن 1 في المئة من الـ 80 مليوناً عندهم مكونات القيادة الفكرية والسياسية والاجتماعية هؤلاء الـ 1 في المئة كفاية سيحققون هدف مصر، أنا أعلم أننا في الدرك الأسفل لكننا سوف نصعد هذا هو إحساسي، الدنيا تتغير في لحظة من كان يصدق أن الاتحاد السوفييتي في لحظة يتفكك وما نحن فيه ليس بثابت ودورة الهبوط ستنتهي وتأتي دورة الصعود لذلك شبابنا مستهدف بالتساهل في الهوية وضياع أشياء كثيرة منه ويتم إلهاؤه بالماديات عن الأساسيات.

الكويت

أعلم أنك كنت في زيارة لدولة الكويت قبل فترة قليلة.. كيف ترين الحراك السياسي هناك، وكيف ترصدين الحالة الإعلامية المتطورة؟

فعلاً زرت الكويت قريباً، وقابلت وزير الإعلام هناك، ووصول المرأة الكويتية للبرلمان يعتبر نقلة كبيرة، ورغم أن الكويت بلد صغير إلا أنها دولة نشيطة، ولها حركة فنية نشيطة، فهي أول دولة في الخليج يحدث بها تنمية والثروة الضخمة تعطيهم نوعاً من التخطيط والبناء وتنفيذ الخطط التنموية.

وأذكر في أول زيارة لي في الثمانينيات من القرن الماضي أنني فوجئت بصورة الرئيس عبد الناصر بحجم كبير جداً في المنزل الذي نزلنا فيه ضيوفاً، فأعجبني أن هناك مسؤولين يحبون مصر لهذه الدرجة، وأعتقد أن الكويت من البلدان الخليجية التي أمامها مستقبل باهر بعد قليل من التعديلات، أما الناحية الإعلامية فلديهم جرائد ومجلات جيدة.

الكاتب: النهار - بهاء الدين احمد

التعليقات على فوزيـة سلامـة : كنت خجولة جداً. وأصبحت نائبة رئيس تحرير خلال 5 سنوات

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
62059

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري