مقالات الوعىالروحانياتالحدس أو البديهة › "الحدس" بوصلة الروح حينما تنقطع هدايا المصادفة!

للقلب رسائل طمأنينة، وللعقل مساحة حكمة، وللروح بوصلة تخترق الزمن للمجهول لتكون كلمتها الفصل.. حكايات مفترق الطرق؛ تبللنا بقلق الحيرة.. وقوفا ينتظرانتماء.. وانتظاراً يستجدي إلهاماً..

يمين أم شمال.. لهذا أم لذاك.. تَردُد المنتصف.. والاتجاهات أربع.. تخبط.. خطوةهنا وخطوتان هناك.. يعقبها جاذبية مجهولة كضوء.. ثم تأتي لقرار وسكينة.. شيء يشبهرائحة الأمهات.. شيء يشبه بصيرة الأطفال.. يشبه حكمة العبّاد..

الحدس (Intuition).. عين ثالثه تسبر الأغوار.. تنبؤ بفرح ك طير.. وأحياناً بخوفك ظلمة!

يقول الغزالي: "هو نور يقذفه الله في القلب فتصفو النفس ويدق الحس ويرق القلب وتنقشع الغمامة وحينئذ يحدث الإشراق".

إحساس يولد بالحب والإيمان.. ينبئ بمقاطع تسير على مهل.. تسير باتجاه الأمام.. شيء يسمونه مستقبلا.. يصبح بعد البصيرة واقعا يعلوه شيء من ضباب.. مرات يُشعلُ التوجس.. ليتركنا مبللين بعرق.. ومرات يؤازرنا لننام ملء جفوننا..

الحدس.. ذاك الإلهام الذي حباه الله لبعضنا..

يقول الأستاذ إبراهيم البليهي: "هو ضوء يسطع في الذهن فجأة.. وبقوة.. فيفتح أبواب الحقيقة للباحثين"..

يأتي للبعض كملكه.. هبة.. شيء من نور..

ويجيء لآخرين كلمحه.. شيء مؤقت.. لا يُعرّف!

في حين أوضحت بعض الدراسات أن المرأة تملك القدرة الحدسية بدرجة تعلو الرجل!

يخبرنا وليد: "حدس الأمهات لا يخطئ ! مرة كانت العائلة تستقل السيارة في أحد شوارع الرياض.. بعدها رأينا تجمهرا بعيدا عن طريقنا فهمنا منه أن الأمر يبدو حادث سير.. عندها نطقت أمي.. (أخوكم مسوي حادث).. وفعلا جاء الخبر بعد ساعات!".

"الحدس يجعل الإنسان حكيماً"

رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول: "من لم ينفعه ظنه (حدسه) لم تنفعه عينه"..

كثير من الناس مثلا يشعرون بنذير شؤم تجاه السفر على طائرة معينة.. وكانت إحصائية لمنظمة الطيران الدولية أظهرت أن نسبة اللاغين لحجوزاتهم على الرحلات (التي انتهت بكوارث) أكبر من الملغاة على الرحلات العادية!

القدرة على توقع المستقبل.. الإحساس بالحوادث التي تقع في غير مجال الرؤية.. قراءة الأفكار.. كلها معان يستوعبها الحدس..

يعتقد البعض أن الحاسة السادسة ضربٌ من الخيال، ولكنها حقيقة واقعة تحدث في العقل.. فقد كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "ساينس" العلمية أن جهاز الإنذارالمبكر الموجود بالطبقة الخارجية للمخ هو مصدر الحاسة السادسة!


يقول الدكتور ياسر العيتي: "الحدس شعور.. والذين لا يتقنون قراءة مشاعرهم لا
يستطيعون استخدام حدسهم بشكل صحيح".. ويضيف: "يجب أن يعتمد الإنسان على حدسه بمقدارما تثبت التجربة نجاح هذا الحدس أو فشله".


ويتفنن المجتهدون بتصميم اختبارات تقيس وجوده ومداه.. أسئلة تشبه هذه: هل سبق أن
ألغيت مشروعاً أو قرارا لأنك أحسست بشيء غامض تجاهه؟ هل تتخذ قراراتك دون أن يكون هناك سبب محدد؟ هل تستطيع أن تحس بشيء سيئ قبل حدوثه؟


قدرة عقلية أم إلهام يأتي خطوة بخطوة؟


يقول الأستاذ إبراهيم البليهي: "رغم الأهمية الكبرى للحدس الخارق في العلم
والعمل فإنه قدرةٌ نادرة لا تتاح للباحثين والدارسين والإداريين والعاملين والمبدعين عن طريق الالتزام بالقواعد العلمية والمناهج المقررة واستخدام الخطوات والآليات المتاحة، وإنما هي قدرة استثنائية لا تتاح إلا لذوي المواهب السخية وحتى هؤلاء ليست أيضاً متاحة لهم بشكل مطلق وإنما هي فورانٌ ذهنيٌ نادر لا ينتُجُ إلا عن الاهتمام القوي المستغرق".

لمياء تضحك وتضيف: "أهلي بدؤوا يشكون بي.. كثيراً ما أتوقع الأشياء قبل حدوثها.. وغالباً تصيب توقعاتي.. أردد لصديقتي.. أحس بمسجاتك قبل توصل!".

وقصة أخرى قرأتها لجندي سابق في الجيش الأمريكي، دعته حاسته السادسة لإنقاذ طفل من موت محقق.. يقول جون ويلكنز، من لودردال بولاية فلوريدا "كانت هناك ثلاثة فرق إنقاذ عند وصولي إلى المكان الذي اندلعت النيران فيه بأحد المنازل.. وعند وصولي علمت أن جميع السكان تم إنقاذهم.. ولكنني - ودون وعي مني - اندفعت داخل العمارة وتوجهت إلى إحدى الشقق لأجد طفلاً في عامه الثاني مختبئاً تحت السرير وهو يرتجف في خوف، ولم ينتبه لوجوده أحد بسبب الدخان الكثيف داخل الشقة فأخذته وخرجت به مسرعاً من الشقة قبل أن يهوي سقف الشقة بلحظات!".

"الحدس هو الطريقة التي تختبر فيها الروح الحقيقية".. أوشو

السياسي المحنك.. المدير الناجح.. الموظف المبدع.. كل تلك الشخصيات والمناصب تحتاج لدرجة من الحدس يمكن الوثوق بها لتقود للقمة..

وفي استبيان شمل أغنى مائة رجل في الولايات المتحدة قالوا جميعهم انهم يعتمدون على حدسهم إلى جانب العقل في اتخاذ القرارات!

إذاً لتثق بأن كل شي سيكون على ما يرام.. توكل على الله.. وامضِ للجهة التي تطمئن لها بوصلتك!

الكاتب: الرياض - نوف السبيعي

التعليقات على "الحدس" بوصلة الروح حينما تنقطع هدايا المصادفة!

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
61625

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري