مقالات الوعىأسلوب الحياةالمعرفة والوعى › الوعي مناعة توجهات العقل

   لا خلاف على أن أوضاع العالم العربي تمر بالمرحلة الأسوأ.. قدرات اقتصادية أوحضور سياسي أو التمكن من الحصول على بعض الحقوق المشروعة دولياً كوجود الوطن الفلسطيني المستقل..

لماذا..؟

من تتهم؟.. الحاكم أم المواطن؟..

لاشك أن شواهد انحراف الحاكم ومجازفاته وابتعاده عن المعقول متيسرة وصارخة الوضوح لكن حين تعرف أن دولاً كثيرة في العالم عايشت نماذج في منتهى السوء بما أحدثته من كوارث لشعوبها بدءاً بهتلر وموسوليني وستالين ثم بوكاسا وعيدي أمين، ستجد أن هؤلاء مروا بتجارب مرعبة لكنها فاشلة لمرة واحدة واستطاعت الشعوب أن تعيد بناء ذاتها بقوة متوفرة الشواهد.. فالصين اليوم مثلاً ليست صين ماوتسي تونج، والهند لم تعد أرصفة ممتدة لموتى المنبوذين، ولم يعرقل روسيا خروج دول أوروبا الشرقية من هيمنتها من أن تواصل وجودها كقوة منافسة لواشنطن.. وماليزيا التي نصفها من الصينيين لم تعش صراع عرقيات أو أديان ولكن عاشت تكاتف وحدة اجتماعية..

لماذا لم يحدث في العالم العربي ذلك؟..

لو تأملنا حركات التغيير في واجهات الحكم داخل معظم العالم العربي لوجدنا أنها تتم مدفوعة بطموحات شخصية.. عبدالناصر مثلاً كما قال أنيس منصور انتهت حياته بعد أن أنهى معظم من عُرفوا معه بالضباط الأحرار بدءاً بمحمد نجيب وانتهاءً بعبدالحكيم عامر.. جميع انقلابات سوريا المتوالية كانت صراع أشخاص.. العراق أول من اختلف مع عبدالكريم قاسم هو الأقرب إليه عبدالسلام عارف..

صدام فتك بخاله وبزوجي ابنتيه بعد تصفية الواجهات السياسية.. في بعض الدول العربية المعاصرة هناك من يحكم وكأنه في سماء سابعة أوجد نهراً نضب بتكلفة البلايين وأسقط طائرة دفع ملايين تعويضاتها ومازال في قداسة عزلته..

موريتانيا مرت بتجربة عربية فريدة حين أقصي من حصلوا على الحكم بقوة السلاح وفتحت الفرصة أمام خيارات الترشيح لكن ما لبثت الأمور أن عادت إلى مسار رداءتها..

المشكلة في المواطن.. وليست في الحاكم.. فالحاكم في معظم الأحوال هو مغامر كسب فرصة عارضة، حتى أنك إذا قرأت تاريخ صدام حسين تجد أنه كان يجب أن يسجن وهو في سن الثانية عشرة وما كان يمكن أن يصبح حاكماً لولا فوضوية الوصول إلى الحكم في العالم العربي..

المواطن ظل مشلول الوعي، فخلف متاهات الشعارات اندفع وراء تكبير قيمة الفرد الحاكم ونسي مهمة تكبير غايات الحاكم واستراتيجياته..

أعطني وعياً متألق الحضور أضمن لك مناعة ضد أي انحراف وحاجزا قويا يمنع وصول أي مغامر..

ما حدث في العالم العربي هل يمكن أن يحدث في بريطانيا أو فرنسا أو هولندا أو السويد..؟ طبعاً لا، ليس لأن الحاكم مجهز العدالة والقدرة، لكن لأن وعي الشارع العام هو الذي يوفر حصانة المجتمع ويحيل أي معتد على الحقوق مهما كان مركزه إلى المحاكم..

لا تقف عند هذه المرحلة.. عد بالذاكرة إلى نوعية الإسلام كدين لم تعزله المعجزات عن معقوليات الفهم، ولكنه أتى في وقت مبكر لتحقيق مجتمع مؤسسات وعدالة دون فروق، فأكرمكم عند الله أتقاكم ولذا فإن فترة سنوات قد لا تمتد لأكثر من الثلاثين عاماً هي التي أشرق فيها الإسلام قبل أن يحوَّل إلى معابر غايات بشرية عرقية أو طائفية..

إن نموذجية النزاهة في شخص الملك عبدالله ومهمة توالي طرح وسائل موجودات النمو والتطور هي شواهد حية موجودة في بلادنا أمام عقولنا وعواطفنا، علماً أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز فيما فعله نموذج عقلاني الفكرة والممارسة، ومؤسس جديد، تفتقد مثله معظم الدول العربية.. الأمر الذي يعطينا أملاً نصبوا إليه بوجود وعي يمنع الانحراف ويصحح الخطأ ويبارك الصواب..

الكاتب: تركي بن عبدالله السديري

التعليقات على الوعي مناعة توجهات العقل

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
3742

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري