مهما كانت المصيبة التي مزقت عالمك شديدة، فإنك ستجد راحة كبيرة في التحدث عنها مع شخص يستمع إليك بتعاطف وإحساس عميق: مثل أفراد أسرتك، أو أصدقائك، أو المعالج النفسي أو رجل الدين، أو مجموعة دعم، أو مع أشخاص آخرين في مجتمعك. وكما أن الكتمان يربطك بقوة أكبر مع نفسك، كذلك فإن كشف روحك للآخرين في الأزمات يوثق الترابط الانساني معهم. فعندما تشرك شخصا آخر بآلامك الداخلية وتشاطره أحزانك، فإن الشعور بالعزلة والغربة بعيدا عن المجتمع ينزاح عن كتفك.

إن ميلك للانعزال عن الناس والبقاء وحيدا في الأوقات العصيبة بسبب عدم رغبتك في التفكير بوضعك، أو بسبب خجلك مما حل بك أو بسبب اعتقادك أن عليك معالجة أمورك بنفسك، هي دعوة مفتوحة لشعور الضحية، وعندما تسمح لمخاوفك أو لأنانيتك بإنكار حاجات روحك فإنك تعوق نموك وتصبح أضعف.  إن سلوكا مثل الانعزالية أو الكبت يزرع بذارا خفية للغضب، فتصبح غضوبا لأبسط الأمور، وبمرور الوقت يضيع السبب الحقيقي وتتشتت الأفكار بعيدا عن جذرو هذا الغضب. خصوصا لو كان سبب غضبك هو كبت مشاعر حزينة يراها البعض  ضعفا منك .

ومصيبة مثل فقد عزيز بالموت تستحق أن تعبر عنها وتحزن لأجلها. وصحيح أن الموت ينهي الشخص الذي تحبه لكنه لا يستطيع أن ينهي الحب الذي وجد في العلاقة  فالحب يبقى بعد الموت ويعيش في وجداننا. لقد قال رودولف جولياني- عمدة مدينة نيويورك في سمتمبر 2001 لصبي كان يحبس دموعه في جنازة أبيه الشرطي الذي مات في حادث أليم " إن أباك لم يتركك، وكل الأشياء التي أحبها فيه لا تزال موجودة في نفسك". ولهذا السبب نفسه " لا تشفى
"  أبدا من فقد الشخص الذي تحبه. فالفقد ليس شيئا تضعه جانبا كالجريدة عندما تنتهي من قراءتها، ولكنك تستوعب الفقد وتدمجه في حياتك، ولا يمكن لأحد كائنا ما كان- أن يقطع الروابط العاطفية التي تكونت بينك وبين هذا الشخص المتوفي، لأن قطع الروابط يجبر ألمك وحزنك على الغوص إلى الأعماق، ولكنه سيطفو لاحقا على السطح في شكل مرض جسدي أو نفسي. وعلى الرغم من أنك بحاجة إلى مواجهة واقع الموت  قبل أن تبدأ بدمجه في حياتك، إلا أن مواجهته ليست أكثر من بداية التعافي، لا نهاية للحزن كما توحي عبارة مثل " التغلب على المعاناة".
لذلك اعط وقتا للبكاء على من فقدته ولا تكتم حزنك، فمفهوم وقف المعاناة
يستهين بتأثير الموت على الأشخاص ويلغي الوقت الذي لابد لبعضنا منه لنتغلب على آثاره علينا إلى أن نتمكن أخيرا من استيعابه . فتقف المعاناة كنتيجة لقبول الألم وليس لأنها هدفا في حد ذاته وعندئذ تعطي المعاناة قيمة لنعمة الحياة؟


من كتاب الشدائد تصنع الأقوياء
ماكسيان شنال
المصدر: arabicrecovery.com

الكاتب: ماكسيان شنال - من كتابه الشدائد تصنع الأقوياء

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
42410

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري