مقالات الوعىالصحة العقليةالحزن والحرمان › الحزن والاكتئاب في ضوء الكتاب والسنة

الحزن والاكتئاب ليس هناك فرق في المعنى ولكن الفرق يكمن في الشدة والمدة الزمنية فالحزن هو غم نتيجة افتقاد شيء عزيز أو البعد عنه ، أما الاكتئاب هو الحزن الشديد ، والحزن هو أحد صور العاطفة والمشاعر الإنسانية الفطرية وهو عكس الفرح والسرور فالحزن والفرح موجودان في الإنسان بالفطرة يقول المولى عز وجل : ( وإنه هو أضحك وأبكى ) .
وقال المولى عن آدم عندما أنزله من الجنة : ( قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .

والحزن نوعان :

الأول : حزن على فوات أمر دنيوي وهو ناتج عن أفكار ووساوس شيطانية تدخل وتتعمق في جوف الإنسان وتجعل الفرد يجعل كل همه الدنيا وهي رأس كل خطيئة.
ونحن نرى الآن جميع أنواع الأحزان تقع في هذا النوع  حزن من أجل المال الذي فقدته ، من أجل صديق ، من أجل زوجة أو ولد مع أنك تعلم أن كل شئ مقدر وإنه إلى زوال فلما الغم والكرب ( الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا إن لله وإنا إليه راجعون ) .

والثاني : حزن مطلوب ويمتدحه المولى وهو الحزن على أمر من أمور الدين ويدفع للعمل والعبادة والسعي على الرزق والجهاد في سبيل الله .
مثل : حزن الفقراء في غزوة تبوك الذين جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه الجهاد فلم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم ما يحملهم عليه فرجعوا وقد أصابهم الحزن والضيق والهم .
عباد أخلصوا النية والعمل إلى الله فلم يفرحوا إلى رجوعهم فامتدحهم الله سبحانه وتعالى في قوله : ( ولا على الذين اذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون ) .

ما أروع وما أجمل من هذا صدق إيمان وقوة عزيمة وإخلاص لله الواحد القهار !!!

الحزن من النوع الأول يصيب الانسان بالاكتئاب والمشقة في هذه الحياة
بينما الحزن من النوع الثاني يشعر الفرد بالراحة والاطمئنان والسعادة النفسية ونقاء وطهارة النفس .

الاكتئاب يصيب الانسان وعندما يحدث تقل انتاجيته ويقل تركيزه ويبدأ بالشعور بالنسيان وقد يفكر أن هذه الحياة لا تساوي شيئًا وأنه هو نفسه حقير لا يساوي شئ ويفكر بالانتحار مع اضطرابات في النوم .....

وللاكتئاب أسباب منها ما هو خارجي وداخلي : 

الأسباب الخارجية : وهي ما تكون خارج الانسان ذاته منها

1- الأسباب البيئية : كأحداث الدنيا ، موت شخص ، فقد مال ، فقد مكانه ...
2- الأدوية : فقد ثبت علميا أن بعض الأدوية تؤدي إلى الاكتئاب
3- المخدرات : فبعض المخدرات تسبب الاكتئاب بنفسها ، وبعضها اذا توقف عنها الانسان فمثلا : الخمر ترتبط بالاكتئاب ارتباطا وثيقا وبذلك ترتبط بالانتحار أيضا ، وكذلك الحبوب المنبه التي يستخدمها الشباب أو سائقوا الشاحنات لتوقظهم طوال الطريق وهذه الحبوب (كبتاجول) فيها مادة (الامفيتامين) التي إذا توقف عنها متعاطيها يصيبه الحزن فيأخذها ليذهب الحزن ، وهكذا يبقى المدمن في دوامة لا يخرج منها .

الأسباب الداخلية :

1- منها العوامل الوراثية : مثل : وجود أقارب مصابون بالاكتئاب
2- الأمراض العضوية : مثل : نقص هرمونات الغدة الدرقية يؤدي إلى الاكتئاب وكذلك نقص الفيتامينات كفيتامين ب 12 .

وهناك أسباب غير معروفة عن سبب الاكتئاب .

علاج الحزن والاكتئاب :

إن في القرآن والسنة الوقاية والعلاج لحالات الحزن والاكتئاب إن الله جعل القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين وما عليهم سوى العودة إلى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ليفوزوا بسعادة وراحة الدارين .

1 - التمسك بالعقيدة في القضاء والقدر .

علينا أن نؤمن بما قدره الله من أشياء لا دخل لنا فيها فلما الحزن والبكاء عليها يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لابن عباس
" اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك بشئ قد كتبه الله عليك " ، فعندما يعلم الانسان أن الأمور المفروغ منها ومكتوبة لا يحزن وكيف يحزن وهو يعلم بأن هؤلاء البشر الذين حوله لا يملكون له شئ لا نفع ولا ضر فلم القلق !! اذن فلم الحزن !!

يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام : " اعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك " .
إن الانسان يجزع وتستخفه الاحداث حين ينفصل بذاته عن الوجود ويتعامل مع الأحداث كأنها شئ عارض يصادم وجوده الصغير ، فأما حين يستقر في تصوره وشعوره أنه هو والأحداث التي تمر بغيره والأرض كلها ذرات في جسم كبير هو هذا الوجود فإنه يحس بالراحة والطمأنينة لمواقع القدر .

عزيزي تذكر دائما عند الحزن قول المولى عز وجل " لكيلا تأسو ما فاتكم " ، " ولا تفرحوا بما آتاكم " .

2- الإيمان باليوم الآخر .

إن الذي يؤمن باليوم الآخر يعلم أن هذه الدنيا لا تساوي شيئا فهي قصيرة جدا وعلى الانسان تذكر قول رسول البشرية صلى الله عليه وسلم : " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضه ماسقى كافرًا منها شربة ماء " .

الدنيا وما فيها من قصور وتفاخر وأملاك لا تساوي عند الله شئ فلا تجعلها نصاب عينيك ، المال متروك وتحاسب عليه ، الصحة فانية وتحاسب عليها ، الوقت مهدور ويسأل عنه الله ، الولد متروك ولم يبقى إلا عملك أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعو لك أو علم ينتفع به استثمر حياتك تفز بالدارين .

3- غير مفهومك عن المصائب والأحزان .

على المسلم أن يؤمن بأن المصائب قد تكون علامة على محبة الله للعبد ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم " .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون " .
فالصبر على مصائب الدنيا بالحمد والشكر لأن عدم رضاك لم يغير من القدر شئ ، ويقول المولى في كتابه : " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " .

4- الدعاء والتسبيح والصلاة .

يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال " .
وقد كان الرسول الكريم عندما تبلغ به الدنيا همها يقول أرحنا بالصلاة يا بلال فالدعاء والصلاة تريح النفس وتفرج الكرب .
وفي نهاية مقالي أدعوكم إلى استخدام سلاح الصبر والإيمان بقضاء المولى عز وجل وبشر الصابرين ولا تدع الشيطان يلعب بكم .
والغم والنكد يجلب الفقر والغم .
يقول المولى عز وجل : " فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " .
داعيا المولى أن يخفف علينا مصائب الدنيا ولا يجعل مصيبتنا في ديننا ولا يجعل الدنيا أكبر همنا والسلام خير معبر للأمان .

الكاتب: عبدالله مبارك الخاطر

التعليقات على الحزن والاكتئاب في ضوء الكتاب والسنة

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
88053

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري