مقالات الوعىتنمية المرأةتنمية سيدة الأعمال › مخاطر المعاملات المالية داخل العائلة وبين الأصدقاء

مخاطر المعاملات المالية داخل العائلة وبين الأصدقاء

كُنت مؤخراً في زيارة لصديقة في المملكة المتحدة. وقد باحت لي صديقتي بمُشكلة كانت تعاني منها. حماها (أبو زوجها) الذي جنى في حياته مالاً كثيراً ثم خسرها، وصل إلى سن التقاعد، ويبدو الآن قلقاً بشأن رفاهه وأمنه المالي.

ابنه الوحيد، زوج صديقتي، سجل أوراق القرض العقاري الذي أخذه والداه، بإسمه، وأخذ يدفع نسبة من القرض، بقصد تمكين والديه من العيش في منزلهما.

طلب مؤخراً الرجل الكبير في السن، أن يضع اسمه أيضاً على الوثائق الرسمية للمنزل. بإمكاننا أن نخمن السبب وراء ذلك: هل يمكن أن يكون كما اعتقدت كِنّته (زوجة ابنه)، أن الرجل لا يثق بها كفاية، ويخشى أن تضع يدها على البيت، في حالة وفاة زوجها قبل وفاتهم (الأب والأم)؟ أم هل هذه هي طريقته، ليحمي بيته من أي احتمال للانفصال، بين ابنه وزوجته؟ وفي هذه الحالة، فإن كل الأصول المملوكة للابن، ستُقسم بين الزوجين المنفصلين.

أم أن الأمر ببساطة، هو أن رجلاً يشعر بالضعف، يريد أن يستعيد القليل من السيطرة؟

اندلعت المُشكلة:

مهما كان السبب، فقد أدى الأمر لاندلاع شرارة الحساسية والمشاكل. تعتقد الكِنّة أن البيت، هو أحد الأصول التي ينبغي أن يرثها أبناؤها. في النهاية، فإن والدهم كان يدفع مالاً في المنزل، وهو المسؤول تحت طائلة القانون، في حال حدوث أي إشكالية في سداد دفعات القرض العقاري. بالإضافة إلى ذلك، فإن دفع المال في هذا المنزل، قد أثّر على نمط معيشة عائلة الابن (زوج صديقتي). وقد كان بإمكانهم أن يفعلوا أشياء كثيرة، بتلك النقود التي كانت تُدفع في المنزل.

لا تعتقد صديقتي أنه يجب أن يُقسّم هذا المنزل، بين أشقاء زوجها بالتساوي، في حال وفاة الكبار. وهي قلقة من احتمالية حصول ذلك، في حال أضاف حماها اسمه في أوراق مُلكية المنزل.

الابن (زوج صديقتي) عالق بين المطرقة والسندان: إنه يريد أن يكون ابناً مطيعاً، ويلبي رغبة أبويه حتى يطمئنا. هو لا يريد أن يحدث أي خلاف بينه وبين أبويه في المستقبل، ولكنه بنفس الوقت، لا يريد النكد الذي ينتظره في البيت، إذا استجاب لوالده في تغيير وضعية أوراق مُلكية المنزل.

ماذا عساه أن يفعل حسب رأيك؟

المشكلة هي أنه بمجرد طرح مثل هذا الموضوع، فإنه يصبح مادة إشكالية بحاجة لعلاج.

المال والعائلة:

الأمر برمته تعيس جداً، ولكنه أيضاً حقيقي جداً، فقد وقع الكثير من العائلات والأصدقاء في مشاكل، نتيجة لقضايا مالية، أو ربما نقول أنهم وقعوا في مشكلة من يملك، ومن يطالب بشيء ما.

بالطبع، جميعنا نريد أن نفعل الشيء الصحيح تجاه آبائنا وعائلاتنا الكبيرة. وأيضاً نريد أن نفعل الشيء الصحيح مع أنفسنا، وعائلاتنا الصغيرة. وينبغي أن لا يكون هذان الأمران متنافيين أو متناقضين.

خذ العبرة من القصص الأخرى:

لكن للأسف، يبدو أن الأمرين غالباً يكونان متنافيين، أو أنهما يبدوان كذلك. هناك حالة مختلطة بين الالتزامات، والواجبات. وهي حالة مُحرجة جداً يصعب التحايل عليها، أو ترتيب أوراقها بشكل كامل. وقد يترافق ذلك مع عدم الرغبة في مناقشة الأمر بصراحة وانفتاح، مع كل الأفراد المعنيين به.

بدلاً من أن تجتمع الأسر للتعامل مع قضايا المال والحياة، فقد تنشأ أرض معركة بين المصالح المختلفة، وتُصفّى فيها الحسابات القديمة، ويحدث لك الأسوأ، من أناس ظننت أنك أقرب إليهم من أي شخص آخر على وجه الأرض، وقد اعتقدت يوماً أنك تستطيع الاعتماد عليهم، ليكونوا سنداً لك.

أراهن بكل ما لدي بأنك، أو أن أحداً ما تعرفه، لديه قصة فظيعة مماثلة. ما رأيك بقصة تدور حول ابن تحمل كامل العبء عن أبوين مريضين، وكبيرين في السن، ويكسبان القليل من المال، أو لا شيء منه، على أساس تفاهم ضمني مع أشقائه، بأنه سيحصل على القسم الأكبر من بيت العائلة، وثم اكتشف أنه عندما مات الأبوان، تراجع أشقائه عن هذا التفاهم.

أو ما رأيك بأنك أقرضت شخصاً ما تثق به، كان بحاجة ماسة للمال، وثم عندما تحسنت أحواله، لم يعد إليك مالك. أتذكر أن امرأة أعرفها، كان لديها عمل غير حرفي، وقد جمعت مالاً لنفسها، أقل بقليل من 30 ألف دولار. وثم التمست منها كِنتها (زوجة ابنها) المساعدة: بيتها على وشك أن يُصادر، وكانت البنوك تضغط عليها، حيث كان لديها عدة بطاقات ائتمان، واستخدمت كامل رصيدها، ولم تسدد العديد من دفعاتها؛ تعرفون مثل هذا الموقف. ماذا فعلت الحماة؟ لقد أعطتها كل مُدخرات حياتها.

لقد شعرت أنه ليس لديها أي خيار؛ لم تستطع أن ترى أحفادها في الشارع. شكرتها الكنة كثيراً، ووعدتها بأن تسدد الدين. بعد مضي بضعة سنوات من العمر، كانت تلك المرأة (الحماة) التي كبرت في السن، ماتزال تعمل في عملها غير الحرفي، بدون أي مُدخرات، بينما عادت كنتها إلى حياتها الطبيعية، ولم تسدد أي دفعة من الدين، الذي كان يُفترض أن يكون قصير الأجل.

كُن صريحاً وشفافاً:

الرسالة هنا على ما أعتقد: لا تكن خجولاً من طرح أي شيء بكل صراحة، و مناقشة كل الخيارات، والتداعيات، والتوقعات. نحن لسنا جميعاً في وضع يسمح لنا أن نعطي كل ما نملك، لمساعدة أحد أحبائنا أو أقربائنا، خاصة إذا كان ذلك يعني أننا سنُضطر لمكافحة تكاليف الحياة، عندما نكبر في السن.

أقدّر تماماً أن كثيراً من المواقف تبدو مستحيلة، كأن يترك أب ابنه لينتهي في السجن، بسبب الديون، إذا كان الأب يستطيع المساعدة. ولكن، أحياناً علينا أن نكون قُساة. وإلا، فإننا قد نُطيل أمد المُشكلة، حتى تنال من الجميع (الأب والابن) على المدى الطويل.

إذا لم يشأ أبناؤك أن يوقعوا ورقة قانونية، فلا تستجِب لمطالبهم باقتراض نقودك، التي تسند ظهرك.

نُشرت هذه المقالة للمرة الأولى في صحيفة "ذا ناشونال" The National.

الكاتب: نعمة أبو وردة مؤسس ورئيس تنفيذي كاشي

التعليقات على مخاطر المعاملات المالية داخل العائلة وبين الأصدقاء

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
7446

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري