مقالات الوعىتنمية المرأةتثقيف المرأة في كافة المجالات › المرأة في القرآن الكريم ليست كمّاً مُهمَلاً

المرأة في القرآن الكريم ليست كمّاً مُهمَلاً

في قاعة السنابل بمحافظة غزة وسط حضور عدد كبير من النساء والرجال والإعلاميين، وذلك بناء على دعوة من "صالون نون الأدبي"، ألقى الشيخ الداعية عبد العزيز عودة محاضرة بعنوان "المرأة في القرآن الكريم"، أكد فيها اعتناء الإسلام بالمرأة واحترامه لها، من خلال الحديث عنها في القرآن الكريم، وقد كان لموقع "الإسلام اليوم" حضوره وتواجده في هذه المحاضرة، لينقل لقرّائه ومتصفحيه صورة كاملة عن وقائع هذه المحاضرة.

افتتح الشيخ الداعية عبد العزيز عودة حديثه بالقول: إن القرآن الكريم هو الذي حرر أمة العرب دينياً وسياسياً واجتماعياً، وهو الذي اعتنى بالمرأة أيما عناية، وقد كانت المرأة تمثل شيئاً عظيماً في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد أطلق على العام الذي توفيت فيه زوجته خديجة -رضي الله عنها- عام الحزن.

وأضاف عودة أن هناك مستويات عديدة للحديث عن المرأة ، مثل المرأة قبل الإسلام، والمرأة في السنة. موضحاً أن الحديث سيقتصر على المرأة في القرآن الكريم. مضيفاً أن حديث القرآن عن المرأة لم يأت على شكل قصص؛ بل إنه تحدث عنها كنوع، ولم يذكر الا اسم امرأة واحدة هي مريم، مشيراً إلى أن الحديث عن المرأة جاء في سور عديدة مثل البقرة وآل عمران والأعراف وهود، بالإضافة إلى أن هناك سوراً خاصة بالمرأة، وهي التحريم والطلاق والنساء.
وقال: إن لفظ (قالت) ورد في القران 43 مرة، منها 26 مرة الفعل فيها مسند للمرأة، مثل قوله تعالى: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) [القصص: 26] ، و (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران: 35] .
وأوضح أن الواو في اللغة العربية معناها مطلق الجمع لا الترغيب، وليس معناها ان الذي قبل أفضل، وهناك آيات تقدمت فيها الأنثى على الذكر مثل قوله تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) [الشورى: من الآية49] ، موضحاً أن سورة مريم تقدمت على سورة طه، والتي اعتبرها فريق من علماء المسلمين أنها اسم من أسماء النبي، وعلى هذا الأساس؛ فقد تم هنا ذكر الأنثى على الذكر، معتبراً أنه في النهاية يجب أن يتقدم أحدهما على الآخر. أما في الأحكام فأشار إلى أن ذكر المرأة تقدم على الرجل في قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ.. ) [النور: من الآية2] ، وفي ذلك دلالة بلاغية، ففي الزنا دور المرأة أهم، وقد تقدم ذكر الرجل على المرأة في قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [المائدة:38] ؛ وذلك لأن الرجل أجرأ على السرقة من المرأة.

واعتبر أن الحديث عن المرأة في القرآن جاء على ثلاثة مستويات؛ وهي: معالم شخصيتها، شخصيات نسائية، مواقف مميزة للمرأة. وقال إن الإمام ابن رشد -وهو فقيه وطبيب وفيلسوف- اعتبر أن لكل من الرجل والمرأة أعمالاً ومهماتٍ يقومان بها، وقد تكلم عن تحرير المرأة من الجاهلية، وذلك عندما تحدث عن ضرورة تحريرها من الضيق بها، (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ) [النحل:58] .
وأشار عودة إلى أن القرآن الكريم رفع مكانة المرأة عندما حررها من الابتذال؛ فقال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ...) [النساء: من الآية23] ، وقد أكد على شخصيتها المستقلة فذكرها بجوار الرجل، ولا بد أن نسجل للقرآن مفخرة عظيمة، حيث إنه برّأ أمَّنا حواء من الوسوسة لسيدنا آدم عليه الصلاة والسلام، واعتبرهما ضحية لوساوس الشيطان؛ فقال تعالى: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) [طـه:120] .

وحول موضوع الأسرة اعتبر أن القرآن الكريم تكلم عن الزواج باعتباره آية من آيات الله، أي من دلائل عظمته وربوبيته، ونظم هذه العلاقة فجعل القوامة للرجل، ولكنها مشروطة؛ فمعنى القوامة الإنفاق على المرأة وحمايتها، وتطرق إلى قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة: من الآية228] . مشيراً إلى أن هناك خلاف حول هذه الدرجة؛ فقد قال الطبري: إن الرجل عليه أن يتحمل المرأة أكثر مما تتحمله، وأن يصفح عن زلاتها أكثر مما تصفح عن زلاته.

أما في موضوع الطلاق؛ فقال: إن القرآن تحدث عن الأحكام الخاصة بالمرأة كنوع وشريك للرجل في الحياة الإنسانية، مؤكداً أن الطلاق لا يقع إذا كانت المرأة حائضاً. مضيفاً أن هناك العديد من حقوق المرأة المهدرة، مثل حق المطلقة في عدم الخروج من بيت الزوجية، والخلع. مشيراً إلى أن القرآن ساوى بين الزوجين في براءة الذمة، وقوة اليمين، وتقرير مبدأ المشاركة في الميراث.

وأكد عودة أن القرآن تحدّث عن صور الهجرة للنساء؛ وهي صورة من صور الجهاد، وهي على هذا الأساس تواجه الباطل، كما تحدث عن مشاركتها في العقد السياسي بين الأمة والحاكم من خلال مبايعتها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، كما تحدث عن تعرضها للفتنة مثل الرجل، موضحاً أن المرأة ليست كمّاً مهملاً في القران؛ فهي مكلفة مثلها مثل الرجل.
وقال عودة: إن القرآن الكريم ضرب أمثلة لنساء مؤمنات، كن ولا يزلن قدوة حسنة للعالمين إلى أن يشاء الله تعالى مثل: أم موسى التي استجابت لأمر الله، وكذلك أخته التي كان لها حسن الحيلة، وفتاة مدين التي أرست قاعدة في العمل الإداري لازالت قائمة إلى الآن، وهي استئجار القوي الأمين، والصحابية الجليلة خولة بنت ثعلبة التي جادلت النبي صلى الله عليه وسلم، وملكة سبأ التي أعطيت حكمة وفهماً ومنحت مجتمعها قدراً من الحرية والمشورة، وتمتعت بحسن إدراكها للعواقب، ومريم ابنة عمران الطاهرة العفيفة التي صدّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين.

الكاتب: عبدالعزيز عودة

التعليقات على المرأة في القرآن الكريم ليست كمّاً مُهمَلاً

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
47439

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري