الإنسان الفوضوي كثيراً ما يكون معتداً بنفسه بشكل مبالغ فيه

الوقت هو العمر وهو رأس المال الحقيقي

إعداد مذكرة بالمهام اليومية يساعد كثيراً في تحقيقها

كل من يحاول الانضباط سيكون منضبطاً في النهاية












 

إن الفوضى من الآفات الرئيسة التي تواجه الإنسان في كل زمان ومكان؛ فهي عدو لدود للنجاح والتميز، وهي عدو للفطرة السوية التي خلق الله -سبحانه وتعالى- عليها الناس جميعاً، فكل مولود يولد على الفطرة، كما أخبرنا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: "كل مولود يولد على الفطرة،فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء هل تحسّون فيها من جدعاء". أخرجه البخاري.
ولقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون، وسيره، وأبدعه في نظام دقيق، محكم مقدر، لا تداخل فيه ولا اضطراب، فالكواكب،والنجوم، والأجرام، والسحب...الخ. كل يسير لما قُدّر له، قال تعالى: "وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً".[الفرقان: 2]. فالشمس تشرق في وقتها المحدد، ومن مكانها المحدد، وكذلك الكواكب والنجوم كل يسير في مداره، لا يحيد عنه.
فالنظام هو الدعامة الحقيقية والأساسية في كل عمل ناجح، وعلى العكس من ذلك تقف الفوضى عائقاً أساسياً أمام النجاح.

ولكي تتمكن
أيها الشاب من تحقيق النجاح والتميز، يجب عليك أن تبتعد وتنأى بنفسك عن الفوضى،وتلزم الانضباط والنظام في جميع شؤونك.
والآن يطرح السؤال نفسه ما هي الفوضى؟ وتحديداً فوضى الوقت؟ وما مظاهرها؟ وما أسبابها؟
وبالمثل: ما هو الانضباط؟ وكيف تنظم أوقاتك، وأعمالك، أو أمورك كلها؟
الفوضى: هي اختلاط الأمور بعضها ببعض،وعدم التمييز بينها، من حيث الأهم، فالمهم، فالأقل أهمية؛ فكل الأمور متساوية، وهي تضارب الأوقات، وتداخل الأعمال.

مظاهر الفوضى "فوضى الوقت":




-1-الاهتمام والاشتغال بالأعمال قليلة الأهمية، وترك الأعمال المهمة.
-2-
بذل جهد ووقت كبير فيعمل لا يستحق هذا الجهد أو ذاك الوقت المبذول فيه.
-3-
ترك الأعمال والواجبات، حتى تتراكم، والبدء في القيام بها في وقت واحد.
-4-
إهدار الكثير من الساعات، والأيام، والأسابيع،والشهور، بل والسنين، بغير عمل جاد، مخطط له.


أسباب الفوضى "فوضى الوقت":

1-- التنشئة الأسرية: فالأسرة التي لا تقدر الوقت، تشرب أبناءها ذلك، وتؤثر فيهم بشكل مباشر، وتعودهم على عدم الاهتمام بالوقت.

2-- عدم تقدير الوقت حق قدره: فالوقت هو عمرالإنسان، وهو رأس ماله الحقيقي؛ فإذا أضاع وقته أضاع رأس ماله، ومن ثم أضاع عمره.

3-- عدم تقدير نعمة الله سبحانه حق تقديرها: فالوقت الذي تشعر بأنه غير مخصص لأداء عمل ما، هو نعمة من الله، مغبون فيها كثير من الناس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ'، والإنسان الفوضوي يرى أن هذا الوقت لا قيمة له، فهو وقت فراغ يُقضى في أي شيء بغض النظر عن أهميته، وهو بذلك يهدر نعمة كبيرة أنعم الله سبحانه بها عليه.

4-تقديس الذات: إن الإنسان الفوضوي، كثير الاعتداد برأيه، كثير الابتعاد عن مشورة الآخرين، وهو بذلك يخسر الاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين، والتي قد توفر عليه الكثير من الوقت والجهد والإنفاق حتى يصل إليها، وقد يرى أن طريق البحث طويل، ويتطلب المزيد من الجهد والإنفاق، فيقررالقعود، والوقوف محله، ومن ثم حصد الفشل.

5-- جلد الذات: الإنسان الفوضوي قد يلجأ في كثير من الأحيان، وبعد انتهائه من أعماله أو مهامه أو واجباته إلى جلد ذاته، وعدم تقدير الجهد الذي بذله في هذا العمل، بل وقد يذهب إلى التشكيك في قدراته، مما ينعكس بالسلب على أعماله الأخرى التي لم تُنجز بعد، ويقعد عنها ولا يؤديها في وقتها، مما يؤدي إلى إهدار وقته.

6- - عدم تقدير الطاقة والإمكانيات بشكل صحيح: فقد يظن الفوضوي في نفسه القدرةعلى القيام بكل الأعمال في وقت واحد، مما يؤدي إلى فشله في إنجاز أي عمل، ومن ثم إهدار الوقت والجهد والمال فيما لا طائل من روائه.

-7-إهمال عنصري المتابعة والمحاسبة: فالفوضوي لا يجعل من نفسه رقيباً أميناً عليها؛ فهو لا يتابع أعماله، ولا يحاسب نفسه، والعمل إن تم لا يراجع نتائجه ويحاسب نفسه عليها، وإن لم يتم لا يحاسب نفسه أيضاً على عدم إتمامه، فالأمور كلها سيان.

8-- المعصية تنزع البركة من الوقت: قد يقترف الفوضوي ذنوباً تحجب عنه حلول البركة في وقته، فقد لا يقدر أهمية صلة الرحم – مثلاًفتنزع البركة من رزقه، والذي يبذل الوقت والجهد للحصول عليه، مصداقاً لقوله صلى الله عليـه وسلم: "من سرّه أن يُبسط له في رزقه، أو يُنسأ له فيأثره فليصل رحمه".

9-- عدم تقدير عواقب ونتائج فوضى الوقت حق قدرها : فالفوضوي لا يفكر في نتائج إهداره لوقته، وعواقب ذلك في الدنيا والآخرة، ومن ثم لا يضع لنفسه رادعاً يثنيه عن فوضويته، وتكون النتيجة مزيداً من إهدار الوقت، وفي النهاية خسران في الدنيا للمكانة، والعلم، والمال،وحساب عسير في الآخرة، فالكل محاسب عن عمره فيما أفناه.
الانضباط: هو التزامك بنظام دقيق وشامل، لا تحيد عنه. بمعنى آخر: هو النظام المبني على العزم والإرادة القوية المصحوبة ببذل الجهد اللازم لتطبيقه.

والآن نساهم بالعديد من الوسائل المعينة على علاج الفوضى، وتنظيم الأوقات، والأعمال، ومن أهم هذه الوسائل:

1- - كن على يقين تام بأن وقتك هو عمرك في هذه الحياة، وأنه رأسمالك الحقيقي: وهناك العديد من الوسائل العملية التي توصل إليها المتخصصون في مجال إدارة الوقت، وقد وضعوها في أنماط ثلاثة:

النمط الأول: يقوم على تنظيمك وإدارتك لوقتك من خلال كتابة أعمالك اليومية في مذكرة، تحدد فيها مواعيد القيام بالأعمال خلال اليوم، وفي نهاية اليوم تقوم بالشطب على الأعمال التي تم إنجازها بالفعل، أما الأعمال التي لم تُنجز خلال اليوم فتُؤجّل و تُضاف إلى أعمال اليوم التالي.

النمط الثاني: يقوم على الالتزام بالتخطيط للمستقبل، والاستعداد لتنفيذ هذا التخطيط. ويعتمد على مدى كفاءتك وقدرتك الشخصية، ومدى تحملك للمسؤولية، وإنجازك الأهداف المطلوبة، وجدولة الأعمال والمهام والواجبات المستقبلية.

النمط الثالث: يقوم على الالتزام بالتخطيط للمستقبل، وتحديد الأولويات – الأعمال الأهم فالمهمة وهكذاوالرقابة، وهنا يتوجب عليك بذل الكثير من وقتك في عملية التخطيط الشامل، والتي من خلالها تحدد أهدافك - طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل - بوضوح تام، وتحدد أولوياتك،وتقسم هذه الخطط إلى أعمال شهرية، وأسبوعية، ويومية، وهذا يتطلب منك الرقابة اليومية على المنجز من الأعمال.

-2-أعدّ بشكل مسبق ماتريد عمله في كل يوم: إن هذا الإعداد لكافة الأعمال التي ستقوم بها في اليوم التالي، يمكّنك من التحكم في القيام بها، خاصة إذا أعملت التفكير فيما قد يواجهك من أعمال أو واجبات طارئة ليست من ضمن الأعمال المخطط لها، فهذا التفكير يتيح لك التخفيف من وقع هذه الأعمال الطارئة المفاجئة؛ إذ ستكون أكثر استعداداً لمواجهتها بالشكل الذي لا يفسد عليك إنجاز أعمالك المخطط لها.

3-- عوّد نفسك على الانضباط الداخلي: فإذا أخذت نفسك بالحسم، وقررت أن تكون منضبطاً في جميع شؤونك، فسوف تجعل من روحك القوة الدافعة لك نحو تحقيق أهدافك المرغوبة والمخطط لها، وسوف تساعدك هذه القوة على التغلب على الكثير من العقبات التي تعترض طريقك.

-4-تعلّـم كيف تهمل أو تحذف كل ما هوغير مهم، أو غير ضروري من الأعمال: فهذا التعلّم يمنحك القدرة على التعامل مع أهم الأمور، واستغلال وقتك فيها أفضل استغلال، ويجنبك الانخراط في سفاسف وتوافه الأمور.

-5-تعلّم كيف تتحكم في شهواتك، ورغباتك: فالنفس البشرية تهوى الراحة، وتخلد إلى الركون، ومتع الحياة وزينتها الكثيرة، ولو أطلقت لشهواتك ورغباتك العنان، فستحتاج أعماراً بجانب عمرك كي تشبعها.

6-- اعمل على تحقيق التوازن النفسي بين الانضباط والإفراط فيه (التصلب): فالإفراط في أي شيء يقلبه إلى الضد، ومنه الانضباط؛ فالنفس البشرية تفرض على العاقل مسايستها، وترويضها، وإلاّ انكسرت، وفي كسرها الخسران المبين.

-7-انظر إلى الجوانب الإيجابية في الانضباط، وخُذْ بها: فكثير من الفوضويين ينظرون إلى الانضباط على أنه عملية تأديبية للنفس، فهو يعمل - من وجهة نظرهم – على كبح رغباتها وانطلاقها، وهو عائق أمام الاستمتاع بملذات الحياة. أماالناجحون فينظرون إلى الانضباط على أنه داعم أساسي لنجاحهم؛ فبدونه لن يحققواالنجاح.
سُئل أحد الناجحين في أعمالهم: هل تحب عملك؟
قال: أحبه جداً.
فقيلله: هل هو ممتع ومريح لك؟
قال: لا. واستطرد قائلاً: إن العمل بالنسبة لي ليس ممتعاً، ولكن الانضباط فيه هو الممتع.
وهذا يدفعنا إلى تحقيق الانضباط في أعمالنا، بغض النظر عن كونها ممتعة أم غير ذلك.

-8- اعمل على تغيير عاداتك السلبية: إن المشكلة الرئيسة لدى كثير من الناس عند النظر إلى أحوالهم، هي أنهم يجدون أنفسهم محاطين بكثير من العادات السلبية، التي تعوّدواعليها، وعند فحص هذه العادات، واستبيان أسبابها، وتحديد نتائجها السلبية، يجدون أنفعلها من أهم الأسباب التي تهدر أوقاتهم، ومن ثم تحرمهم من فرص النجاح والتقدم في حياتهم الدنيا، والفوز بالآخرة.

-9-تحلَّ بالعزيمة والإصرار عند مواجهتك لأي أمر أو عمل ما: فالعزيمة والإصرار سلاح الناجحين الفعّال. واعلم أن الانضباط لا يأتي من فراغ؛ فهو يحتاج إلى عزيمة وإصرار، وهمة وإرادة عالية على الاستمرار فيه.

-10-خُذْ نفسك بالحزم وعوّدها على الاستمرارية في أداء العمل واكتساب المهارات الإيجابية: فلكي تكتسب صفة الانضباط والمحافظة على وقتك، عليك بتأصيل العمل المستمر في نفسك، فالنفس تملّ في أوقات ما،فاشغلها في تلك الأوقات بالأعمال المفيدة التي لا تجعلها تملّ.

-11- احرصْ في كل وقت على اللجوء إلى الله سبحانه بالدعاء والضراعة إليه أن يبارك في وقتك، وجهدك، وعملك؛ فالدعاء سلاح المؤمن، وهو سلاح صائب فعّال،وهو مخ العبادة، ومن حكمة الله أن جعل أوقاتاً يُستحبّ فيها الدعاء، وفي ذلك إشارة يُستفاد منها في أهمية تنظيم الأوقات، ولكل وقت عمله الذي يصلح فيه.

الكاتب: محمود حسين

التعليقات على الفوضى آفة النجاح

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
42827

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري