لا أستطيع أن أفهم موقف بعض الجماعات الإسلامية إلى المرأة، إنهم يقفون بصلابة غريبة ضد حصولها على حقوقها التى منحها لها الإسلام، فهم باسم الإسلام يخالفون الإسلام، حقيقة إنها جماعات محدودة العدد لا تمثل عموم المسلمين لكنهم أصحاب الصوت العالى، وعندهم من الجرأة ما يدفعهم إلى توجيه سهام النقد والتجريح المسمومة لكل من يخالفهم ويكشف زيف دعواهم.

مفكر إسلامى كبير موضع اعتبار واحترام بين المسلمين وغير المسلمين فى العالم مثل الدكتور أحمد كمال أبو المجد، يعلن كتابة رفضه المشاركة فى النظرة الخاطئة إلى حقيقة المرأة باعتبارها قضية صراع بينها وبين الرجل، ويرفض النظرة المتخلفة للمرأة باعتبارها مجرد متاع للرجل، أو باعتبارها مخلوقاً أقل من الرجل فى القيمة والقدرة والمنزلة، وهو يعبر بذلك عن صحيح الإسلام وهو الدين القائم على أن الرجل والمرأة هما «جوهر» الإنسانية، وهو الدين الذى يقرر بكل وضوح مبدأ المساواة «المطلقة» بينهما فى كل ما يتصل بالمسئولية وبالكرامة، فالرسول أرسى مبدأ «النساء شقائق الرجال» والأحكام الشرعية قائمة على المساواة الكاملة بينهما إلا ما استثناه الشرع وهو قليل.

والدكتور أبو المجد يؤكد حرية المرأة حرية لا يقيدها إلا ما جاء فى القرآن والسنة من قيد على حرية المرأة والرجل معاً، ويؤكد حقها فى العمل وضرورة تعليمها ـ وتعليم الرجل أيضاً ـ قدراً من الثقافة الجنسية والاجتماعية لضمان نجاح الأسرة، وقد آن الأوان لنزع فتيل التأثيم والجرح من تلك الثقافة ما دامت فى إطار علمى محسوب ولهدف نبيل هو توفير الاستقرار للأسرة المسلمة.

هذا ما يقوله مفكر كبير مثل الدكتور أحمد أبو المجد، الذى لا يصل كثير من المتحدثين باسم الإسلام إلى مستواه العلمى وثقافته الموسوعية وتعمقه فى العلوم الإسلامية، ومفكر آخر هو زعيم التيار الدينى فى تونس الشيخ راشد الغنوشى الذى يقود حزب النهضة، حدد موقف الإسلام من المرأة القائم على خطأ النظرة إليها على أنها ليست لها سلاح فى معركة الحياة غير جسدها، وأن عليها أن تكون كائناً تابعاً ومطيعاً للرجل، ومجالاً لإثبات سيطرته وقدرته، والإسلام حرم وأدها، فقد أعادت عصور الانحطاط وأدها، بالحط من شخصيتها وكرامتها، الشيخ راشد الغنوشى يعلن أنه لن يتقدم المسلمون ما لم تتحرر المرأة من مشاعر العنف والخنوع والتواكل، ويعاد إليها الشعور بالثقة بالنفس وتحريرها من كل تسلط بحيث لا تنحنى إلا للمولى عز وجل.
لا أفهم بعد كل ما قاله علماء الإسلام الكبار عن حقوق المرأة أن تقف بعض الجماعات لتخالف كل ذلك، وتعارض منح المرأة حقها الطبيعى فى الحرية والكرامة فى حدود الشريعة الثابتة فى الكتاب والسنة، لا أفهم موقف هؤلاء من وثيقة مكافحة الدول الإسلامية، بعد أن سجل الوفد المصرى تحفظاته على النصوص التى تخالف الشريعة الإسلامية، واشترط الوفد المصرى أن يكون تنفيذ هذه الوثيقة طبقاً للتشريعات والقوانين والتقاليد الخاصة بكل دولة.

لا أفهم الموقف المعادى للحقوق الإنسانية للمرأة التى منحها الله لها، وفى تونس الإسلامى الحاكم (حزب النهضة) أقر فى الدستور المساواة بالرجال فى جميع الحقوق والواجبات العامة والخاصة، بينما أغفل الدستور الجديد فى مصر الإشارة إلى حقوق المرأة، وعندنا عشرات المراجع لكبار فقهاء وعلماء التفسير والحديث تؤكد بالنصوص الصريحة فى القرآن والسنة أن حرية وكرامة المرأة من المبادئ الأساسية للإسلام، كما أنها من المبادئ الأساسية التى تجمع عليها دول العالم المتحضر، فلماذا تعجز بعض العقول عن إدراك حقيقة الإسلام وحقائق العصر، وتريد أن تعيد المرأة إلى ما كانت عليه إلى عصور أطلق عليها الشيخ راشد الغنوشى عصور الانحطاط فى تاريخ المسلمين؟

الكاتب: رجب البنا - بوابة الأهرام العربي

التعليقات على المرأة المفترى عليها!

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
54196

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري