اقتراحات عملية للتعامل مع القلق:

توجد استراتيجيات تعلمنا كيف نقلل من ضرر القلق على حياتنا. ولكن القلق صار عادة في حياتنا بسبب ممارستنا المتكررة له. لذلك الممارسة المتكررة لعادات أخري تقاوم عادة القلق سيستغرق وقتاً لتعلمه. كلما قمنا بممارسة وتطبيق هذه العادات الجديدة كلما ضعفت قوة العادات القديمة. ولكن يجب أن نعرف أن هذا الأمر سيتطلب جهداً كبيرا إلي حد ما. بالإضافة إلي ذلك، فمن المهم أن ندرك أن ما يصلح لشخص ما لا يصلح لآخر. ولأن كل شخص متفرد في ذاته في الطريقة التي يقلق بها، فهو أيضاً سيكون متفرد في أسلوبه واختياراته في التعلم كيف يمكن له أن يخفض من قلقه.
يكمن نجاح استراتجيتك للحد من قلقك في اختيار الأسلوب المناسب لك، وتحديدك لكيفية ممارسته. ولكن بعد بضعة أسابيع من الممارسة المستمرة إن لم تلاحظ انخفاضاً في مستوي القلق فمن الأفضل أن تنتقي أسلوباً آخر مختلف. المهم هنا هو اختيار الأسلوب الصحيح وممارسته لوقت كاف حتى يتسنى لك أن تقيمه تقييما موضوعيا قبل أخذك القرار بتركه و اختيار أسلوبا آخر. يمكنك أن تبدأ ببعض المحاولات في مزج أساليب مختلفة حتى تستطيع في وقت ما أن تختار ما هو أنسب أسلوب يلائمك.

في البداية لاحظ مدي قلقك ومتى يبدأ: كن أكثر وعياً به.

نحن تعودنا على القلق حتى أن الكثيرين منا لا يدركون أنهم قلقين. لذلك إدراكنا لقلقنا أمر أساسي علينا تعلمه كخطوة أولى لأي أسلوب سنتبعه فيما بعد للتعامل مع القلق.
ففي تطبيق أي من تلك الأساليب كلما بدأت بممارستها مبكراً كلما كانت النتيجة أفضل. أو في كلمات أخري كلما أمسكت بالقلق في بدايته كلما كانت استراتيجيتك في وقفه أكثر فاعلية علي المدى الطويل. لاحظ الموقف الذي جعلك تبدأ تقلق وما هي الأفكار المقلقة التي تجول في ذهنك. لأنه كلما طال زمن قلقك في موقف ما كلما ازدادت قوة عادتك التي تربط بين الأفكار المثيرة للقلق ونفس هذا الموقف. في كلمات أخري أنت بذلك تقوي من تلك العادة مرة تلو الأخرى. لذلك من الأفضل أن تكتشف الأفكار المثيرة للقلق مبكراً كلما استطعت ذلك لأنك بالتالي ستضعف من قوة هذه العادة.

إحتفظ بسجل تكتب فيه مرات القلق التي تنتابك

من المفيد تسجيل مدي تكرر القلق خلال يومك. ضع بعض العلامات في مفكرة خاصة بك أثناء اليوم. في نهاية كل يوم اكتب إجمالي عدد المرات وراقب هذا النمط لعدة أيام.
ستساعدك هذه الطريقة كي تلاحظ مدي إصابتك بالقلق خلال اليوم. كذلك ستمنحك معلومات كافية عن الوقت الذي تمضيه قلقاً خلال اليوم.
 
قم بتأجيل القلق إلي فترات القلق الخاصة به

عندما كنت تلاحظ قلقك وبدأت في إدراكه مبكرا قبل أن يجتاحك كنت تستعد للخطوة التالية وهي أن تؤجل هذا القلق إلي الفترة الخاصة به. حدد 30 دقيقة في اليوم لتقلق فيها.

- عندما تدركه في بدايته ذكر نفسك بهذا الأمر:
سيكون لك وقتا خاصا فيما بعد تفكر فيما يقلقك. مجرد الشعور بان هناك وقتا مخصصا للشعور بالقلق سيجعل من السهل تأجيل ما يقلقك لأوقات أخري.

- اختار مكاناً وزماناً معينان فقط لتقلق فيهما. يجب أن يكونا هما نفسهما كل يوم.
إختار مكانا تستطيع فيه أن تقلق فقط ولا تستطيع أن تفعل شيئا آخر. إذا اخترت منضدة المطبخ أو السرير أو غرفة المعيشة المفضلة لديك لن يكون اختيارا موفقا لأنك عادة ما تمكث في هذه الأماكن. ولكن إن وضعت كرسياً في زاوية غرفة ما لتجلس عليه مدة 30 دقيقة فهذه ستكون فكرة مقبولة لأنها تخلق جواً خاصاً يرتبط بفترات القلق فقط.

- اختار وقتا مناسبا تكون فيه غير منشغل بأي شئ آخر.
- تجنب اختيار وقتا يكون قريبا من وقت النوم حتى لا يرتبط وقت القلق بوقت النوم.

- استخدم الوقت الخاص بالقلق في حل المشكلات

من فوائد الوقت المخصص للقلق أنه يمنحك الفرصة لأن تخفض من حدته. لأنه سيعينك في إيجاد حلولاً مبتكرة للمشكلة إذ يتيح لك وقتاً مخصصاً فقط للتفكير فيها بدلاً من القلق عليها وسط زحام الأحداث اليومية.
وإليك اقتراحاً يمكنك ممارسته لتستفيد الاستفادة القصوى من الوقت المخصص للقلق.

ممكن أن تستخدم هذه الفترة لتكتب قائمة بما تقلق منه أو عليه. ثم حدد ما يمكن أن تفعله وما هو ليس في استطاعتك تجاه تلك القائمة المقلقة. بالنسبة للأمور التي تعول همها والتي تستطيع أن تفعل شيئا حيالها حاول أن تجيب على أسئلة مثل:
1: ما هي الخطوات التي استطيع اتخاذها حتى أتجنب حدوث الأحداث السيئة التي ممكن أن تحدث؟
2: هل لدي أي معلومات تعينني لمواجهة حدث ما أتوقعه؟ أو معلومات ممكن أن تساعدني في إيجاد حل ما؟

أستخدم الوقت المخصص للقلق لإيجاد حلولا للمشكلات وخذ فيه قرارات تساعدك في الأيام المقبلة في خفض حدة تأثير أي حدث سيء في ماضيك، أو تتوقعه في مستقبلك القريب.
ثم تحدث مع شخص تثق فيه عن ما تشعر به وشاركه حلولك وقراراتك. استفد من خبرته وموضوعيته عن منطقية قلقك أو مصداقية قراراتك.

 حول تركيزك إلى الحاضر

هناك طريقة أخري يمكنك استخدامها ممتزجة مع عملية التأجيل وهي إعادة  تركيز انتباهك إلى ما يحيط بك مباشرة أو العمل الذي يجب أن تنجزه الآن. ذكر نفسك أن الأحداث التي تفكر فيها وأنت قلق ليس لها أي وجود في الحاضر. عندما تستمر في التمرن علي هذا الأمر ستصبح أكثر وعيا بالاختلاف بين ما هو واقع فعلا و بين ما لم يحدث بعد في الواقع إلا في أفكارك ومخيلتك. تمرس علي التركيز علي الواقع الذي تعيشه هنا والآن .
إن تأجيل القلق وإعادة تركيز انتباهك علي واقعك المباشر سيساعدك علي خفض مدة قلقك وتقليل عدد المرات التي تفكر فيها أفكاراً مقلقة. كذلك سيتيح لك الفرصة أن تستمتع بما هو جميل في حاضرك كما يوفر جهدك لتولي اهتمامك للمشاكل اليومية.
في كل مرة تتمرن علي هذه الطرق تضعف قوة عادة القلق لأنك بدأت تخلق عادات أخري لتحل محل عادة القلق.

ولكن عليك أن تعلم بأن العادات القديمة من الصعب كسرها. فبعد أن تؤجل وتحول تركيزك إلى الأمور الحاضرة سيحاول القلق حينئذ أن يراودك مرة أخري وأحيانا بطريقة عنيفة. بكل بساطة أعد تكرار المحاولة السابقة في كل مرة تشعر باقتحامه لك. اغرق نفسك في الأحداث والبيئة التي هي حقيقة واقعة من حولك ولا تفقد حماسك إذا استمر القلق بمراودتك.

الكاتب: المصدر عرب ركفرى

التعليقات على التعامل مع القلق

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
51095

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري