مقالات فى فنون إدارة الحياةمقالات في تنمية الذات › خبرٌ عاجل: الأقزام . تنجح في التحوِّل لعمالقة

خبرٌ عاجل: الأقزام . تنجح في التحوِّل لعمالقة

خبرٌ عاجل: الأقزام .. تنجح في التحوِّل لعمالقة

في يومٍ من الأيام، في حفل بهيج التقتْ جماعةٌ من الأقزام مع جماعة من العمالقة في قصر الحكم؛ بدعوة من سلطان البلاد؛ رغبة من السلطان في معرفة كيف يستطيع تحويل الأقزام في وطنه إلي عمالقة .. للنهوض بالبلاد والعباد! و ذلك من خلال إقامة عدة مباريات بين الأقزام والعمالقة في الذكاء والقدرات والمعارف؛ يراقبها العديد من المراقبين كلٌّ في مجاله. وفي حالة تعجبٍ من الوزراء؛ وفضولٍ من سفراء الدول الصديقة بدأ الحفل.

 وانطلقتْ المباريات بين الأقزام والعمالقة، وبدأ المراقبون في العمل لوضع ملاحظاتهم لتقديمها لحاكم البلاد ...

الأقزام: اتسم أداؤهم بالضعف، وكانوا يضخمون من حجم العمالقة .. ظانين أنهم أفضل منهم في الذكاء والقدرات، معتقدين أن ما يمتلكونه من مهارات اكتسبوها بسنين من العمل والجهد غير كافية، ولا تساوي شيئًا أمام مهارات العمالقة.

العمالقة: كانوا لا يعتقدون فقط أنهم أذكياء بل يفكرون ويتكلمون ويتصرفون بذكاء. كما كانوا يُقدرون مهاراتهم جيدًا، ويدركون أنهم ناجحون فيما يفعلون بل ومتفوقون كذلك.

ملاحظات المراقب: يجب أن يدرك الأقزام أن أداءهم غير قوي؛ لا لأنهم ليسوا بمهارة أو ذكاء أقرانهم من "العمالقة" بل لأنهم لا يتحكمون في أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم على نحو صحيح مثلهم.

 

الأقزام: كانوا مقيدين بالخوف من الفشل والخوف من النجاح والخوف من كونهم أقزامًا، فتركوا كل الفرص تضيع منهم، واصروا على الدفاع عن تخاذلهم بكلمة "لا نستطيع" كما تسلحوا بالتبريرات الخائبة لعدم قيامهم بالسعى للفوز وتحقيق النقاط؛ ثم راحوا يتحسرون بعد كل خسارة على ما فاتهم.

العمالقة: كانت كلمة الخوف مشطوبة من قاموس مفرداتهم، فلم يكونوا يعترفون بكلمة "لا نستطيع"، بل بكلمة "كيف يمكننا أن نفعل ذلك؟"، فإذا وقعوا في الأخطاء تعلموا منها؛ وقاموا من جديد .. بذكاء أكثر وقوة أكبر، محققين الفوز تلو الفوز.

ملاحظات المراقب: يجب أن يُدرك الأقزام أن الخوف يقتل أحلامهم وتطلعاتهم للأفضل، وأنه لا سبيل ليكونوا "عمالقة كالعمالقة" إلا بتخطي مخاوفهم؛ والسماح لأنفسهم بالفعل وبالخطأ كذلك، بل وبتكرار الخطأ حتى التعلم والصعود لمستوى أعلى في الأداء، وتحقيق النقاط للوصول للفوز.

 

الأقزام: توهموا أنهم لا يستحقون الفوز لصغر حجمهم ولاخطائهم وزلاتهم الكثيرة، فكلما واتتهم فرصة الفوز ركلوها بأرجلهم ظانين أنهم لا يستحقونها؛ و أنهم غير قادرين على التعامل معها.

العمالقة: علموا في قرارة أنفسهم أنهم يستحقون الأفضل، فظهر ذلك في أقوالهم وتصرفاتهم؛ لذا كلما واتتهم فرصة لإحراز النقاط والفوز .. حرصوا عليها وشكروها، فأضحوا كمغناطيس للنجاح.

ملاحظات المراقب: الخطأ الكبير الذي يقع فيه "الأقزام" أنهم يقللون من قيمة استحقاقهم للفوز مما يسبب قلة طموحهم وضعف مقدرتهم على اقتناص فرص النجاح. ولو أنهم غفروا لأنفسهم ولغيرهم الأخطاء وتنازلوا عن مثاليتهم .. لأمكنهم أن يشعروا بالاستحقاق للنجاح والتقدير لذواتهم. 

 

الأقزام: حديثهم الداخلي اتسم بالسلبية والانهزامية والتركيز على المشاكل وليس حلها، فمثلاً في حالة عدم تقدمهم وإحراز النقاط في المباريات كان يقول أحدهم لنفسه: لماذا أنا متأخر دائمًا؟ لماذا يحدث هذا لي بالتحديد دون غيري؟ لماذا لا يقدرونني؟.

العمالقة: حديثهم الداخلي يختلف كثيرًا إذ يتسم بالإيجابية والتفاؤل ورؤية النصف المملوء من الكأس لا النصف الفارغ. فمثلاً في حالة عدم تقدمهم وإحراز النقاط في المباريات كانوا لا يقولون لأنفسهم ما يقول الأقزام لأنفسهم، بل كان يقول أحدهم لنفسه: ماذا أستطيع أن أفعل لأتقدم في المباراة القادمة؟ هل أقوم بإحماء أكثر، أم أحاول تنظيم فريقي بذكاء أكبر، وتفادي كافة الأخطاء التى أدت لإخفاقنا في إحراز المزيد من النقاط.

ملاحظات المراقب: ما ينقص الأقزام ليصبحوا عمالقة أن يجعلوا كل حديثهم الداخليّ إيجابيًّا؛ وأن لا يلتفتوا لناقدهم الداخلي ولا يعيرونه انتباها، بل يفندون كل الأصوات السلبية والجارحة بداخلهم، ويضبطونها عوضًا عن ذلك على الأصوات التحفيزية والمشجعة التي تدعم وتخدم أهدافهم وما يريدون تحقيقه.

 

الأقزام: اقتنعوا أنهم خاسرون؛ فخسروا في عقولهم قبل أن يلعبوا، وأصابهم الاكتئاب والإحباط لأحكامهم الظالمة على أنفسهم، إذ كان يقللون باستمرار من قيمة ذواتهم؛ ويصدقون كل ما يقوله ويظنه عنهم الآخرون في محيط الحفل من (آبائهم – معلميهم – رؤسائهم في العمل – زملائهم – أصدقائهم – وربما من لا يعرفونهم أيضًا). بل ويؤكدون عليه ويدعمونه بأفكارهم، ويعانون منه كما لو كان حقيقتهم.

العمالقة: اقتنعوا أنهم فائزون بإذن الله؛ فتملكهم شعورٌ قويٌّ .. بالتفاؤل والأمل. فهم يقدرون ذواتهم تقديرًا صحيحًا ويثقون فقط بأنفسهم وقدراتهم وبمن هو جدير بثقتهم، وآراء غيرهم مجرد آراء، وهم لا يعتبرونها حقيقتهم ويتجاوزونها بأدب. ففازوا في عقولهم كما فازوا في المباراة.

ملاحظات المراقب: لو أن الأقزام رفضوا البرمجة السلبية التي تبرمجوا عليها في الصغر نتيجة التنشئة والتربية الخاطئة، وتبنوا - عوضًا عنها - برمجةً صحيحةً لعقولهم تجعلهم يؤمنون بأنفسهم وبقدراتهم على تحقيق كل ما يريدون، وما انتبهوا كذلك للنقد والانتقاص من شأنهم ورفضوه .. لأصبحوا عمالقة زمانهم وحققوا أعظم الإنجازات بفضلٍ من الله.

 وبعد انتظارٍ طويلٍ ووجوه قلقة ترتقب النتائج .. صدرت أخيرًا نتائج المباريات؛ والصادم الذي استغربه غالب الحضور .. أنه كل من اختار الأخذ بملاحظات المراقبين وطوَّر نفسه وأداءه من الأقزام نجح في التحول لعملاق وفاز، وكل من اختار تجاهل ملاحظات المراقبين بقي في مكانه بالخلف قزمًا .. فلم ينتبه لوجوده أحد حتى انتهى الحفل.

 تأكد الحاكم عندها أن فكرته صحيحة (فكل إنسان كانت بدايته قزمًا) ثم تحول مع الوعي الصحيح والاجتهاد والمثابرة؛ والإيمان بنفسه وقدراته إلي عملاق؛ ينظر الناس إليه بأعجاب .. غير مدركين أنهم يستطيعون أن يكونوا مثله. فأصدر فورًا الحاكم مرسومًا ملكيًّا بالآتي: أن اتركوا كل شيء .. فلا مدنية تنفع، ولا إصلاح اقتصادي يجدي دون تنمية الإنسان! استخرجوا بدل النفط كنوز قدراته، وبدل المعادن أصالة معدنه وجوهره، تلك الكنوز التى نستطيع بحقٍ من خلالها أن نبني البلاد على أُسسٍ متينة وقوية، ونعزّز الأخلاق القويمة، ونُرسّخ الدين الحق في القلوب. فإذا فعلنا ذلك أصبح كل شيء بعده سهل المنال. فالسر الذي كنا نبحث عنه طويلاً (اصنع نفوسًا مؤمنةً وقويةً وأرواحًا "عاليةَ الهمم" .. تصنع عمالقةَ هذا الزمان).




التعليقات على خبرٌ عاجل: الأقزام . تنجح في التحوِّل لعمالقة (2)

تامر حسنSaturday, June 12, 2021

ماذا أقول موضوع فوق الوصف وقد أفادني شخصيا بشكل كبير ونبهني للكثير من الأمور، تمنياتي لقلمك الراقي بالمزيد دائما من العطاء والتألق

علي الجهيميTuesday, November 5, 2019

ابدعتينا أيتها الكاتبة المتميزة، بارك الله فيكي واكثر من امثالك. ....................................... رد: شكراً أخي على لتعليقك الطيب، رفع الله قدرك.

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
74325

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري