دخلت يوماً قاعتي بعد العصر والجو بارد جداً في تلك الساعة . أخذت أرتب الفصل ثم أشرف على الحضور والغياب وأرى البرد قد أخذ من طالباتي الكثير . حزنت عليهن وتمنيت لوأستطيع أن أقدم لهن شيئاً فكم أُسر لرؤيتهن وقد عدن من العلم الى العلم . وسيعودون إلى حل واجباتهم وكان يومهم كله خير .
وأثناء التسميع قرأت الدرس الجديد وكان حديثنا عن الجنة وكيف يَتكئ أهلها فيها وينعمون . وتنعم وجوههم . وكيف أن أهل النار يحترقون أو يأتيهم من حر جهنم ما يشوي وجوههم وجلودهم .
فقامت صغيرة وقالت عندي سؤال . كيف ينام أطفال فلسطين في البرد؟
قلت لها : لم تسألين ؟
قالت لي : لأني الآن أعاني من البرد وتعبانه!!
قلت لها :ولم تسالين عنهم ؟
قالت لي: لأني رأيتهم أمس وهم بلا منازل ولا مساكن .
ثم قالت : ولا أمهات ياأستاذة رأيتهم بالأمس يقولون إن أمهاتهم ماتوا .
ثم قالت : كيف يعيشون الآن ؟ وكيف يرجعون إلى منازلهم بعد المدرسة ؟ من يطبخ لهم الطعام ؟ ومن يرتب لهم الملابس والمنزل ؟
ثم سألت أخرى : لو كان إخوانه ماتوا من سيلعب معهم ؟ ومن سيضحك معهم ؟ ومن سيساعده في ترتيب البيت ؟.
ثم سألت أخرى قائلة : طيب والمدرسة متى يذهبون إليها ؟ ومن وين راح يروح للمدرسة بعد ما تهدم بيته؟
سكت لتردف قائلة : أكيد الجنة فيها له كل شيء ألسنا قرأنا عن نعيم أهلها وأنهم مسرورين ووجوهم جميلة ؟.
فأجابتها أخرى قائلة : يمكن يذهب مع أمه وإخوانه هناك في الجنة بدون برد ولاحر ولاخوف . ويجمعهم ربي أحسن ويفرحون من جديد.
لم أستطع أن أوقف الحوار فلقد عُهد على تلك الطالبة ذات الخيال الواسع أن تسأل بأحلامها وخيالها . لكن مثل هذ الجواب أدهشني و لكن مثل هذ الموقف أوقفني فماذا عساي أن أقول ؟
أببركت القرآن تفتح عقل الطلفة لتحمل هم المسلم ؟
أم ببركة أهلها الصالحين نالت فقه الواقع وتعرفت على حال من حولها .
أم أنها إشارة لنا نحن المسلمين أن الأمة ما زالت بخير فلولا أن أهلها عاشوا ألم المسلمين في فلسطين لما نقلته لنا تلك الطفلة .
ولا أريد أن أنسى أننا كل يوم في مجالس علم تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتتنزل فيها السكينة ومن دعا فيها استجاب الله له . فلنقل يارب الفرج منك ..
الكاتب: ميسون طومان
جميع الحقوق محفوظة لموقع د. أماني سعد - amanysaad.com 2008-2021 ©
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!